والقوة : ما به يستعان على الأعمال الصعبة تشبيها لها بقوة الجسم التي تخول صاحبها حمل الأثقال ونحوها قال تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) .
والجمع : الجماعة من الناس . قيل : كان أشياع قارون مائتين وخمسين من بني إسرائيل رؤساء جماعات .
وجملة ( ولا يسأل عن ذنبهم المجرمون ) تذييل للكلام فهو استئناف وليس عطفا على أن الله قد أهلك من قبله . والسؤال المنفي السؤال في الدنيا وليس سؤال الآخرة . والمعنى : يحتمل أن يكون السؤال كناية عن عدم الحاجة إلى السؤال عن ذنوبهم فهم كناية عن علم الله تعالى بذنوبهم وهو كناية عن عقابهم على إجرامهم فهي كناية بوسائط . والكلام تهديد للمجرمين ليكونوا بالحذر من أن يؤخذوا بغتة ويحتمل أن يكون السؤال بمعناه الحقيقي أي لا يسأل المجرم عن جرمه قبل عقابه لأن الله قد بين للناس على ألسنة الرسل بحدي الخير والشر وأمهل المجرم فإذا أخذه بغتة وهذا كقوله تعالى ( حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) وقول النبي ( ص ) " إن الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) .
( فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم [ 79 ] ) عطف على جملة ( وآتيناه من الكنوز ) إلى آخرها مع ما عطف عليها وتعلق بها فدلت الفاء على أن خروجه بين قومه في زينته بعد ذلك كله كان من أجل أنه لم يقصر عن شيء من سيرته ولم يتعظ بتلك المواعظ ولا زمنا قصيرا بل أعقبها بخروجه هذه الخرجة المليئة صلفا وازدهاء . فالتقدير : قال إنما أوتيته على علم عندي فخرج أي رفض الموعظة بقوله وفعله . وتعدية ( خرج ) بحرف ( على ) لتضمينه معنى النزول إشارة إلى أنه خروج متعال مترفع و ( في زينته ) حال من ضمير ( خرج ) .
والزينة : ما به جمال الشيء والتباهي به من الثياب والطيب والمراكب والسلاح والخدم وتقدم قوله تعالى ( ولا يبدين زينتهن ) في سورة النور . وإنما فصلت جملة ( قال الذين يريدون الحياة الدنيا ) ولم تعطف لأنها تتنزل منزلة بدل الاشتمال لما اشتملت عليه الزينة من أنها مما يتمناه الراغبون في الدنيا . وذلك جامع لأحوال الرفاهية وعلى أخصر وجه لأن الذين يريدون الحياة الدنيا لهم أميال مختلفة ورغبات متفاوتة فكل يتمنى أمنية مما تلبس به قارون من الزينة فحصل هذا المعنى مع حصول الإخبار عن انقسام قومه إلى مغترين بالزخارف العاجلة عن غير علم وإلى علماء يؤثرون الآجل على العاجل ولو عطفت جملة ( قال الذين يريدون ) بالواو والفاء لفاتت هذه الخصوصية البليغة فصارت الجملة إما خبرا من جملة الأخبار عن حال قومه أو جزء خبر من قصته .
والذين يريدون الحياة الدنيا لما قوبلوا بالذين أوتوا العلم كان المعني بهم عامة الناس وضعفاء اليقين الذين تلهيهم زخارف الدنيا عما يكون في مطاويها من سوء العواقب فتقصر بصائرهم عن التدبر إذا رأوا زينة الدنيا فيتلهفون عليها ولا يتمنون غير حصولها فهؤلاء وإن كانوا مؤمنين إلا أن إيمانهم ضعيف فلذلك عظم في عيونهم ما عليه قارون من البذخ فقالوا ( إنه لذو حظ عظيم ) أي أنه لذو بخت وسعادة .
وأصل الحظ : القسم الذي يعطاه المقسوم له عند العطاء وأريد به هنا ما قسم له من نعيم الدنيا .
والتوكيد في قوله ( إنه لذو حظ عظيم ) كناية عن التعجب حتى كأن السامع ينكر حظه فيؤكده المتكلم .
( وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ) عطف على جملة ( قال الذين يريدون الحياة الدنيا ) فهي مشاركة لها في معناها لأن ما تشتمل عليه خرجة قارون ما تدل عليه ملامحه من فتنة ببهرجته وبزته دالة على قلة اعتداده بثواب الله وعلى تمحضه للإقبال على لذائذ الدنيا ومفاخرها الباطلة ففي كلام الذين أوتوا العلم تنبيه على ذلك وإزالة لما تستجلبه حالة قارون من نفوس المبتلين بزخارف الدنيا .
A E