( ثم اتبع سببا [ 89 ] حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا [ 90 ] ) A E تقدم خلاف القراء في ( اتبع سببا ) فهو كذلك هنا .
ومطلع الشمس : جهة المشرق من سلطانه ومملكته بلغ جهة قاصية من الشرق حيث يخال أن لا عمران وراءها فالمطلع مكان الطلوع .
والظاهر أنه بلغ ساحل بحر اليابان في حدود منشوريا أو كوريا شرقا فوجد قوما تطلع عليهم الشمس لا يسترهم من حرها أي لا جبل فيها يستظلون بظله ولا شجر فيها فهي أرض مكشوفة للشمس . ويجوز أن يكون المعنى أنهم كانوا قوما عراة فكانوا يتقون شعاع الشمس في الكهوف أو في أسراب يتخذونها في التراب . فالمراد بالستر ما يستر الجسد .
وكانوا قد تعودوا ملاقاة حر الشمس ولعلهم كانوا يتعرضون للشمس ليدفعوا عن أنفسهم ما يلاقونه من القر ليلا .
وفي هذه الحالة عبرة من اختلاف الأمم في الطبائع والعوائد وسيرتهم على نحو مناخهم .
( كذلك ) الكاف للتشبيه والمشبه به شيء تضمنه الكلام السابق بلفظة أو معناه .
والكاف ومجرورها يجوز أن يكون شبه جملة وقع صفة لمصدر محذوف يدل عليه السياق أي تشبيها ممائلا لما سمعت .
واسم الإشارة يشير إلى المحذوف لأنه كالمذكور لتقرر العلم به والمعنى : من أراد تشبيهه لم يشبهه بأكثر من أن يشبهه بذاته على طريقة ما تقدم في قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) في سورة البقرة .
ويجوز أن يكون جزء جملة حذف أحد جزأيها والمحذوف ميتدأ . والتقدير : أمر ذي القرنين كذلك أي كما سمعت .
ويجوز أن يكون صفة ل ( قوما ) أي قوما كذلك القوم الذين وجدهم في مغرب الشمس أي في كونهم كفارا وفي تخييره في إجراء أمرهم على العقاب أو على الإمهال . ويجوز أن يكون المجرور جزء جملة أيضا جلبت للانتقال من كلام إلى كلام فيكون فصل خطاب كما يقال : هذا الأمر كذا .
وعلى الوجوه كلها فهو اعتراض بين جملة ( ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس ) الخ وجملة ( ثم اتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين ) الخ . .
( وقد أحطنا بما لديه خبرا [ 91 ] ) هذه الجملة حال من الضمير المرفوع في ( ثم أتبع ) .
و ( ما لديه ) : ما عنده من عظمة الملك من جند وقوة وثروة .
والخبر بضم الخاء وسكون الموحدة : العلم والإحاطة بالخبر . كناية عن كون المعلوم عظيما بحيث لا يحيط به علما إلا علام الغيوب .
( ثم أتبع سببا [ 92 ] حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا [ 93 ] قالوا يدا القرنين إن ياجوج وماجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا [ 94 ] قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما [ 95 ] آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله, نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا [ 96 ] فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له, نقبا [ 97 ] قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله, دكا وكان وعد ربي حقا [ 98 ] ) السد بضم السين وفتحها : الجبل . ويطلق أيضا على الجدار الفاصل لأنه يسد به الفضاء وقيل : الضم في الجبل والفتح في الحاجز .
وقرأه نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر . وخلف ويعقوب بضم السين . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاعصم بفتح السين على لغة عدم التفرقة . والمراد بالسدين هنا الجبلان وبالسد المفرد الجدار الفاصل والقرينة هي التي عينت المراد من هذا اللفظ المشترك .
وتعريف ( الدين ) تعريف الجنس أى بين سدين معينين أي اتبع طريقا آخر في غزوة حتى بلغ بين جبلين معلومين .
A E