وضمير ( به ) للقرآن المذكور في قوله ( وقرآن الفجر ) وإن كان المعاد مقيدا بكونه في الفجر والمذكور هنا مرادا مطلقه كقولك . عندي درهم ونصفه أي نصف درهم لا نصف الدرهم الذي عندك .
A E والباء للسببية .
والتهجد : الصلاة في أثناء الليل . وهو اسم مشتق من الهجود . وهو النوم فنادة التفعل فيه للإزالة مثل التحرج والأتم .
والنافلة : الزيادة من الأمر المحبوب .
واللام في ( لك ) متعلقة ب ( نافلة ) وهي لام العلة . أي نافلة لأجلك . وفي هذا دليل على أن الأمر بالتهجد خاص بالنبي A فالأمر للوجوب . وبذلك انتظم في عداد الصلوات الواجبة فبعضها واجب عليه وعلى الأمة . وبعضها واجب عليه خاصة ويعلم منه أنه مرغب فيه كما صرحت به آية سورة المزمل ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ) إلى قوله ( ما تيسر منه ) . وفي هذا الإيجاب عليه زيادة تشريف له . ولهذا أعقب بوعد أن يبعثه الله مقاما محمودا . فجملة ( عسى أن يبعثك ) تعليل لتخصيصه بإيجاب لتهجد عليه . والرجاء من الله تعالى وعد . فالمعنى : ليبعثك ربك مقاما محمودا .
والمقام : محل القيام . والمراد به المكان المعدود لأمر عظيم لأنه من شأنه أن يقوم الناس فيه ولا يجلسوا . وإلا فهو المجلس .
وانتصب ( مقاما ) على الظرفية ل ( يبعثك ) .
ووصف المقام بالمحمود وصف مجازي . والمحمود من يقوم فيه . أي يحمد أثره فيه . وذلك لغنائه عن أصحاب ذلك المقام . ولذلك فسر المقام المحمود بالشفاعة العظمى .
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر " أن الناس يصيرون يوم القيامة جثا " بضم الجيم وتخفيف المثلثة " أي جماعات كل أمة تتبع نبيها يقولون : يا فلان اشفع ! حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود " . وفي جامع الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله A في قوله ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) . قال : هي الشفاعة . قال : هذا حديث حسن صحيح .
وقد ورد وصف الشفاعة في صحيح البخاري مفصلا . وذلك مقام يحمده فيه كل أهل المحشر .
( وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا [ 80 ] ) لما أمره الله تعالى بالشكر الفعلي عطف عليه الأمر بالشكر اللساني بأن يبتهل الله بسؤال التوفيق في الخروج من مكان والدخول إلى مكان كيلا يضره أن يستفزه أعداؤه من الأرض ليخرجوه منها مع ما فيه من المناسبة لقوله ( عسى أن يبعث ربك مقاما محمودا ) فلما وعده بأن يقيمه مقاما محمودا ناسب أن يسأل أن يكون ذلك حالة في كل مقام يقومه . وفي هذا التلقين إشارة إلهية أن الله تعالى مخرجه من مكة إلى مهاجر . والظاهر أن هذه الآية نزلت قبيل العقبة الأولى التي كانت مقدمة للهجرة إلى المدينة .
والمدخل والمخرج " بضم الميم وبفتح الحرف الثالث " أصله اسم مكان الإدخال والإخراج . اختير هنا الاسم المشتق من الفعل المتعدى للإشارة إلى أن المطلوب دخول وخروج ميسران من الله تعالى وواقعان بإذنه . وذلك دعاء بكل دخول وخروج مباركين لتتم بين المسؤول وبين الموعود به وهو المقام المحمود . وهذا السؤال يعم كل مكان يدخل إليه ومكان يخرج منه .
والصدق : هنا المكان وما يحمد في نوعه لأن ما ليس بمحمود فهو كالكاذب لأنه يخلف ظن المتلبس به .
وقد عمت هذه الدعوة جميع الدعوة جميع المداخل إلى ما يقدر له الدخول إليه وجميع المخارج التي يخرج منها حقيقة أو مجازا . وعطف عليه سؤال التأييد والنصر في تلك المداخل والمخارج وغيرها من الأقطار النائية والأعمال القائم بها غيره من أتباعه وأعدائه بنصر أتباعه وخذل أعدائه .
فالسلطان : اسم مصدر يطلق على السلطة وعلى الحجة وعلى الملك . وهو في هذا المقام كلمة جامعة على طريقة استعمال المشترك في معانيه أو هو من عموم المشترك تشمل أن يجعل له الله تأييدا وحجة وغلبة وملكا عظيما وقد آتاه الله ذلك كله فنصره على أعدائه وسخر له من لم ينوه بنهوض الحجة وظهور دلائل الصدق ونصره بالرعب