- مسح الرأس بيد واحدة .
وروي عن أبي داود والطبراني عن علي في حكاية المسح ثلاثا ( قال عبد الله بن محمد ) أحد رواة هذا الحديث ( عن يعقوب ) يعني يريد عبد الله به عمن روى عن أبي حنيفة في هذا الحديث ( عن خالد ) أي بسنده المتقدم أو بإسناد منقطع أو مرسل ( إن النبي صلى الله عليه وسلّم مسح رأسه ثلاثا ) أي بناء ( على أنه وضع يده على يافوخه ) أي مقدم رأسه ( ثم مد يده إلى مؤخر رأسه ثم إلى مقدم رأسه ) أي ثم إلى مؤخر رأسه ( فجعل ذلك ) ما ذكر ( ثلاث مرات ) أي دفعات في الصورة وهو في الحقيقة مرة واحدة وإنما وقع مرات للاستيعاب ولا يبعد أن يحمل على أنه وضع يديه على مقدم رأسه ومده إلى مؤخره ثم مد يده اليمنى على طرفه الأيمن واليسرى على طرفه الأيمن ويمكن أنه وضع يدا واحدة على مقدم رأسه ومسحه إلى آخره ثم وضعها على طرفه الأيمن ثم الأيسر ومسحها ولا يضر الانفصال في المسح فإنه في حكم الإيصال .
على طرفه الأيمن ثم الأيسر والله أعلم بالأحوال فقوله : ( لأنه لم يباين يده ) أي لم يفارق من رأسه لبيان الأفضل ولهذا يمسح الأذنين بماء الرأس مع أنه يفصل نعم إلا أن يحمل أن يضع ثلاث أصابع وهي ما عدا المسبحة والإبهام ثم يمسح بهما الأذنين على ما هو المعروف في وصفها ( ولا أخذ الماء ثلاث مرات ) كما يقول الشافعي : فإنه إذا تعدد المسح على موضع واحد صار غسلا ( فهو ) أي ففعله كرم الله وجهه " كمن جعل الماء في كفه ثم مد يده إلى كوعه " بضم الكاف طرف الزند الذي يلي الإبهام كالكاع أو هما طرف الزندين في الذراع مما يلي الرسغ على ما في القاموس وهو المراد هنا .
وأما الباع فقدر مد اليدين كالبوع بضم ويقال : فلان ما يعرف بوعه من كوعه والمعنى إلى كوعه أولا وإلى ذراعيه ثانيا ولا يسمى مرتين حقيقة بل صورة وهذا التأويل لازم جمعا بين الأحاديث .
هذا وروى الحسن عن أبي حنيفة في مجرد إذا مسح ثلاثا بماء واحد كان مسنونا ( ألا ترى أنه ) أي عليا ( بين الأحاديث التي روى عنه ) أي بقية أصحابه ( وهم الجارود ابن يزيد ) أي العبدي قدم على النبي صلى الله عليه وسلّم سنة تسع وأسلم مع وفد عبد القيس ثم إنه سكن البصرة وقيل : بأرض فارس في خلافة عمر سنة إحدى وعشرين روى عنه جماعة ( وخارجة بن مصعب ) أي ابن الزبير وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة ( وأسد ابن عمر أن المسح كان مرة واحدة وبين ) أي علي ( أن معناه ما ذكرنا ) أي على ما قدمناه