- احتياط مال اليتيم .
وبه ( عن الهيثم عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : لما نزلت : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما } ) أي متعديا ( { إنما يأكلون في بطونهم } ) أي ملئها ( { نارا } ) ( 1 ) والتقدير يأكلون نارا واقعة في بطونهم كما هي كائنة في ظهورهم وسمي مال اليتيم نارا باعتبار مآله إذا أكل ظلما ( { وسيصلون } ) بصيغة المعروف أو المجهول أي وسيدخلون ( { سعيرا } ) ( 1 ) أي نارا تسعر لهم وتتوقد عليهم ( عدل ) أي تأخر ( من كان يتولى أموال اليتامى فلم يقربوها ) أي خوفا من وقوع الظلم الموجب لدخول النار ( وشق عليهم حفظها ) أي بلسان شق عليهم ضبطها بانفرادها ( وخافوا الإثم على أنفسهم ) أي في خلطها أو مطلقا ( فنزلت الآية ) أي الآتية ( فخفف عليهم ) أي القضية وهي قوله تعالى : ( { يسألونك } ) أي يتساءلون الحال أو بيان المقال ( { عن اليتامى } ) أي أخذ أموالهم والاختلاط معهم في أحوالهم ( { قل إصلاح لهم } ) أي لأموالهم ( { خير } ) أي من تركها الموجب لضياع أموالهم ( { وإن تخالطوهم } ) أي في حال الأكل الآية ( { فإخوانكم } ) أي فهم إخوانكم حقيقة أو حكما فإن المؤمنين أخوة ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ( { والله يعلم المفسد } ) في أعماله ( { من المصلح } ) في أحواله وفي هذا وعد ووعيد لمربي اليتيم وأمثاله ( { ولو شاء الله لأعنتكم } ) ( 2 ) أي لأوقعكم في العنت وهو المشقة والمحنة بعدم جواز المخالطة . ولكن ما شاءها فلم يقع العنت لأنه سبحانه قال : { ليس عليكم في الدين من حرج } ( 3 ) وقال تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ( 4 ) وقال D : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } ( 5 ) أي طاقتها ( { إن الله عزيز } ) أي غالب على أمره ( { حكيم } ) في تدبيره .
وفي تفسير البغوي قال ابن عباس وقتادة : " لما نزلت الآية : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } ( 6 ) وقوله : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما } ( 7 ) الآية تحرج المسلمون من أموال اليتامى تحرجا شديدا أي تحولوا اليتامى عن أموالهم حتى كان يصنع لليتيم طعام فيفضل منه شيء فيتركونه ولا يأكلونه حتى يفسد فاشتد ذلك عليهم فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأنزل الله تعالى هذه الآية : { قل إصلاح لهم خير } ( 2 ) أي الإصلاح لأموالهم من غير أجرة ولا أخذ عوض خير وأعظم أجرا .
قال مجاهد : يوسع عليه من طعام نفسه ولا يتوسع من طعام اليتيم { وإن تخالطوهم } هذا إباحة المخالطة أي أن تشاركوهم في أموالهم وتخالطوهم بأموالكم في نفقاتكم ومساكنكم وخدمكم ودوابكم فتصيبوا من أموالهم عوضا من قيامكم بأمورهم وتكافئوهم على ما تصيبون من أموالهم { فإخوانكم } والإخوان يعين بعضهم بعضا ويصيب بعضهم من مال بعض على وجه الإصلاح { والله يعلم المفسد } لأموالهم { من المصلح } لها يعني الذي يقصد بالمخالطة الخيانة وإفساد مال اليتيم وآكله بغير حق من الذي يقصد الإصلاح .
وبه ( عن الهيثم عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلّم ضحى ) بتشديد الحاء ( بكبشين ) أي الحمل او الأنثى إذا طلعت رباعيته ( أشعرين ) أي شعرهما كثير ( أملحين ) الملحة بالضم بياض يخالط سوادا ( أحدهما عن نفسه ) الشريفة على خلاف في أن الأضحية كانت واجبة عليه أو مستحبة مندوبة إليه ( والآخر ) عمن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ( من أمته ) أي ممن لم يقدر على التضحية .
( وفي رواية نحوه ) أي بمعناه أو بسنده ( ولم يذكر جابر بن عبد الله ) فيكون الحديث مرسلا .
_________ .
( 1 ) النساء 10 .
( 2 ) البقرة 220 .
( 3 ) الحج 48 .
( 4 ) البقرة 185 .
( 5 ) النساء 4 .
( 6 ) الأنعام 152 .
( 7 ) البقرة 286