- مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان .
وبه ( عن عبد الكريم بن أبي المخارق ) بضم ميم فخاء معجمة ثم راء مكسورة ( عن طاوس ) بالصرف إذ ليس فيه إلا العلمية بخلاف داود فإن فيه زيادة وهي العجمة وهو ابن كيسان الخولاني الهمداني اليماني من أبناء الفرس روى عن جماعة من الصحابة وعنه الزهري وخلق سواه وقال عمرو ابن دينار ما رأيت مثل طاوس كان رأسا في العلم والعمل مات بمكة سنة خمس ومائة .
( قال : جاء رجل إلى ابن عمر فسأله ) أي سؤالا علميا ( فقال : يا أبا عبد الرحمن ) كناه تعظيما له ( أرأيت ) أي أعلمت أو المعنى أخبرني عن حال الذين ( يكسرون أغلاقنا ) أي أقفالنا ( ويفتحون أبوابنا وينقبون بيوتنا ) أي جدرانها ( ويغيرون على أمتعتنا ) من الإغارة أي ويأخذون أسبابنا على وجه التعدي ( أكفروا ) أي بهذه الأفعال ونحوها من الأحوال ( قال : لا ) فيه رد على الخوارج حيث قالوا بكفر مرتكب الكبيرة من السرقة والغصب والظلم خلافا لمذهب أهل السنة والجماعة .
وأعرب المعتزلة في قولهم : أنه يخرج من الإسلام ولم يدخل في الكفر ( قال ) أي الرجل السائل ( أرأيت هؤلاء الذين يتاولون علينا ) أي من الخوارج والبغاة ( ويسفكون دماءنا ) أي يريقونها والمعنى : يبيحون قتلنا بتأويلات فاسدة وآراء كاسدة ( أكفروا به قال : لا ) أي لأنهم أخطأوا في اجتهادهم ووقعوا في خلاف مرادهم فتوهموا أنا نستحق القتل لما صدر عنا من التقصير في الدين على زعمهم .
والحاصل أنهم وغيرهم لم يكفروا ( حتى يجعلوا مع الله شيئا ) أي شريكا وفي معناه كل ما يوجب كفرا فأما المعاصي فلا يخرج المؤمن عن إيمانه وهذا كله مقتبس من قوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ( 1 ) ( قال طاوس : وأنا أنظر إلى إصبع ابن عمر وهو يحركها ) إشارة إلى التوحيد ومقام التفريد ( ويقول سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ) أي هذا شريعته وطريقته ( وهذا الحديث ) وإن كان بظاهره ( موقوفا لكن رواه جماعة ) أي آخرون ( فرفعوه ) أي نقلوه ( عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ) بهذا المبنى أو المعنى .
ولا يبعد أن يكون عن بمعنى الباء لقوله تعالى : { وما ينطق عن الهوى } ( 2 ) .
_________ .
( 1 ) النساء 4 .
( 2 ) النجم 3