وفي حديث أخرجه العقيلي انه E قال لها في مرضه : " آتيني بسواك رطب فأمضغيه ثم آتيني به أمضغه لكي يختلط ريقي بريقك لكي يهون علي عند الموت " قال الحسن لما كرهت الانبياء الموت أي كراهة طبيعة هون الله ذلك عليهم بلقاء الله وبكل ما أحبوه من تحفة أو كرامة حتى أن نفس أحدهم لتنزع من بين جنبيه وهو محب لذلك لما قد مثل له .
وفي المسند عن عائشة رضي الله تعالى عنها أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " إنه ليهون علي لأني رأيت بياض كف عائشة رضي الله تعالى عنها في الجنة " وخرجه ابن سعد وغيره مرسلا أن صلى الله عليه وسلّم قال : " لقد رأينا في الجنة حتى يهون علي بذلك موتي كأني أرى كفها " يعني عائشة . فلقد كان E يحب عائشة حبا شديدا حتى لا يكاد يصبر عنها فمثلت له بين يديه في الجنة ليهون عليه موته فإن الموت إنما يطلب باجتماع الأحبة .
( وبه ) أي وبسند أبي حنيفة ( عن حماد ) أي ابن أبي سليمان ( عن إبراهيم ) أي النخعي ( عن الأسود عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال : إن الله تعالى ليكتب للإنسان ) أي من أهل الإيمان ( الدرجة العليا في الجنة ) العالية الغالية ( ولا يكون له من العمل ) أي في الكلمة والكيفية ( ما يبلغها ) بتشديد اللام المكسورة وتخفيفها أي شيئا يوصله إليها ( فلا يزال يبتليه ( 1 ) الله بأنواع البلية حتى يبلغها ) أي الله أو الابتلاء إلى الدرجة العلية ويحتمل أن يكون بفتح الياء وضم اللام أي حتى يصل تلك المرتبة السنية وقد ورد عنه E أن الله تعالى ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلا لكرامته عليه رواه الحاكم .
وفي رواية البيهقي والطبراني عن حذيفة مرفوعا : إن الله تعالى ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الوالد ولده للخير وإن الله تعالى ليحمي عبده المؤمن من الدنيا كما يحمي المريض أهله الطعام .
وروى أحمد وغيره عن رجل من بني سليم مرفوعا : " إن الله تعالى يبتلي العبد فيما أعطاه فإن رضي بما قسم الله له بورك له ووسعه وإن لم يرض لم يبارك له ولم يزد على ما كتب له " .
وروى الطبراني عن جبير بن مطعم مرفوعا : إن الله تعالى يبتلي عبده المؤمن بالسقم حتى يكفر عنه كل ذنب .
وفي رواية لأبي حنيفة ( عن إبراهيم النخعي ) وقد عد من مشايخ الإمام الكردري سمع ابراهيم النخعي وكان أعلم الناس برأيه مات سنة عشرين ومائة ( عن الأسود عن عائشة Bها قالت : " ما شبعنا ) أهل بيت النبوة ( ثلاثة أيام ولياليها عن خبز ) أي بر أو شعير " كما في رواية ( متتابعا ) أي متواليا بل كان الشبع متراخيا من الخبز معدوما أو مستمرا ( حتى فارق محمد صلى الله عليه وسلّم ) وفيه تنبيه على أن الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر وإن فقره E كان اختياريا لا اضطراريا إذ عرضت عليه الدنيا بأسرها فأعرض عنها ولم يقبل شيئا من أسرها وقال أجوع يوما فأصبر وأشبع يوما فأشكر ثم أتته الدنيا أيضا بكثرها فلم يلتفت إلى جمعها ولم يرض بمنعها فقام في مقام الإيثار وبذلها على الفجار والأبرار ( وما زالت الدنيا علينا كدرة وعسرة ) بفتح وكسر فيهما أي متكدرة بحسب الصورة ومتعسرة بسبب الضرورة ( حتى فارق صلى الله عليه وسلّم الدنيا وانتقل ) إلى الدار العليا ( فلما فارق محمد صلى الله عليه وسلّم الدنيا ) وتركنا في المحنة والبلايا ( صبت ) بصيغة المجهول أي كبت الدنيا ( علينا صبا كثيرا ) ولم يكن هذا خيرا بالنسبة إلينا ( وفي رواية صب الدنيا علينا صبا ) أي بوضع الظاهر موضع المضمر ( وفي رواية : " ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلّم ثلاثة أيام متوالية من خبز البر ) وهو لا ينافي ما سبق أن قيد يخبز الشعير وإن كان المراد به البر فهذا محمول على بعض الأوقات والله أعلم بالحالات .
وروى أحمد والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس أنه عليه السلام كان يبيت الليالي المتتابعة طاويا هو وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم خبز الشعير وقد بسطنا الدلائل بفتح هذه الفضائل في شرح الشمائل .
وبه ( عن حماد عن إبراهيم النخعي عن علقمة ) أي ابن أبي علقمة بلال مولى عائشة أم المؤمنين روى عن أنس بن مالك وعن أمه وعنه مالك بن أنس وسليمان بن بلال وغيرهما ( عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يسلم ) حين انتهاء صلاته ( عن يمينه ) لكونها أشرف جهاته ( قائلا : السلام عليكم ورحمة الله ) ناويا من معه من مصلين والملائكة المقربين ( حتى يرى ) بضم الياء وفتح الراء ويبالغ في ميله حتى يبصر ( شق وجهه ) بكسر الشين أي طرف خده ( وعن يساره مثل ذلك ) أي ويسلم عن جهة يساره كما تقدم فعلا وقولا وقصدا وفي رواية حتى يرى بياض خده الأيمن فيه لطافة ( وعن شماله مثل ذلك ) أي مثل ما ذكر هنالك .
والحديث عن ابن مسعود رواه أصحاب السنن الأربعة ولفظ النسائي كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره : السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيسر وصححه الترمذي وهو أرجح مما أخذ به مالك من رواية عائشة أنه E كان يسلم في الصلاة بتسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن .
_________ .
( 1 ) التلاه بليه . ؟ ؟