وبه ( عن حماد عن إبراهيم عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود لما قدم من الحبشة سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يصلي ) أي والحال أنه E يصلي فرضا أو نفلا ( فلم يرد عليه السلام ) كما كان في الصلاة قبل أن يحرم الكلام ( فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلّم ) أي عن صلاته ( قال ابن مسعود ) : ظنا منه إن عدم رد سلامه نشأ من غضب له عليه السلام في مقامه ( أعوذ بالله من سخط نعمة الله ) أي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإنه عد نعمته ونعمة الله من أسمائه الكرام ( قال النبي صلى الله عليه وسلّم وما ذاك ) أي وأي شيء سبب ذلك التعوذ ( قال سلمت عليك ) أي على عادتي ( فلم ترد علي ) فظننت أنك غضبان علي في حالتي ( قال : إن في الصلاة لشغلا ) بضمتين وليسكن الثاني وبفتحتين وفتحة أي مشغلة عن رد السلام وغيره من الكلام ( قال ابن مسعود فلم نرد ) أي نحن معشر الصحابة ( السلام على أحد من يومئذ ) ولا نسلم على أحد أيضا من حينئذ وقد روى الترمذي عن زيد بن أرقم قال كنا نتكلم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الصلاة يكلم الرجل منا حاضرا إلى جنبه حتى نزلت : { وقوموا لله قانتين } ( 1 ) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام فالقنوت بمعنى السكوت وقيل الخضوع والخشوع .
هذا وقوله E : إن في الصلاة لشغلا رواه الشيخان وأبو داود وابن ماجه عن ابن مسعود وقد رواه مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي قال : بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعطس رجل من القوم فقلت له : يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت : واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتوني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم دعاني فبأبي وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن .
_________ .
( 1 ) البقرة 238