1723 - نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن صوم يوم الجمعة الخ قال النووي في هذا الحديث دلالة ظاهرة لقول جمهور أصحاب الشافعي وموافقيهم انه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم الا أن يوافق عادة له فإن وصله بيوم قبله أو بعده ووافق عادة له بأن نذر ان يصوم يوم شفاء مريضه ابدا فوافق يوم الجمعة لم يكره لهذا الحديث وأما قول مالك في الموطأ لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه ومن يقتدي به ينهى عن صيام يوم الجمعة وصيامه حسن وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه واراه كان يتحراه فهذا الذي قاله هو الذي رآه وقد رآى غيره خلاف ما رآى هو والسنة مقدم على ما رآه هو وغيره وقد ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة فيتعين القول به ومالك معذور فإنه لم يبلغه قال الداودي من أصحاب مالك لم يبلغ مالكا هذا الحديث ولو بلغه لم يخالفه قال العلماء والحكمة في النهي عنه ان يوم الجمعة يوم دعاء وذكر وعبادة من الغسل و التكبير الى الصلاة وانتظارها واستماع الخطبة واكثار الذكر بعدها فاستحب الفطر فيه ليكون اعون له على هذه الوظائف وادائها بنشاط وهو نظير الحاج يوم عرفة بعرفة فإن السنة له الفطر فإن قيل لو كان كذلك لم يزل النهي والكراهة بصوم قبله أو بعده لبقاء المعنى فالجواب انه يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله وبعده ما يجر ما قد يحصل من فتور أو تقصير في وظائف يوم الجمعة بسبب صومه وقيل سبب خوف المبالغة في تعظيمه بحيث يفتتن به كما افتتن قوم بالسبت وهذا ضعيف منتقض بصلاة الجمعة وغيرها مما هو مشهور من وظائف يوم الجمعة وتعظيمه وقيل سبب النهي لئلا يعتقدوا وجوبه وهذا منتقض بيوم الإثنين فإنه يندب صومه وبيوم عرفة ويوم عاشوراء فالصواب ما قدمنا انتهى .
1726 - لا تصوموا يوم السبت المراد بالنهي إفراد السبت بالصوم الا الصوم مطلقا لما روى عن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر ما يصوم من الأيام ويقول انهما يوما عيد للمشركين فانا أحب ان اخالفهم رواه أحمد والأولى ان يقال انه عليه السلام أمر بترك صومه لئلا يلزم تعظيمه بالصوم فيه ففيه مخالفة لليهود وان كانوا لا يصومونه لاجل انه عيد لهم فهم يعظمونه بالوجه الآخر وصام صيامهما لمخالفتهم وبالجملة سبب النهي أمر آخر وسبب الفعل أمر آخر كذا سمعت فخر .
2 - قوله .
1729 - ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم صام العشر قط أي عشر ذي الحجة قود ثبت في الأحاديث فضيلة الصوم في هذه الأيام فضيلة مطلق العمل فيها وثبت صومه صلى الله عليه وسلّم فيها وحديث عائشة لا ينافيها لأنها انما أخبرت عن عدم رؤيتها فلعلها لم تطلع على عشرة صيام النبي صلى الله عليه وسلّم فيها أو كان له مانع من مرض أو سفر أو غيرهما وجاء في البخاري انه قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل من عشر ذي الحجة ومثله روى بن ماجة وفي صحيح بن عوانة وصحيح بن حبان عن جابر Bه ما من أيام أفضل من عشر ذي الحجة ولو نذر أحد صيام أفضل أيام السنة انصرف الى هذه الأيام وان نذر صوم يوم أفضل من سائر الأيام فالى يوم عرفة وان نذر صوم يوم من الاسبوع فالى يوم الجمعة والمختار ان أيام هذه العشرة أفضل لما فيها من يوم عرفة وليالي عشرة رمضان لما فيها من ليلة القدر وهذا هو القول الفصل لمعات .
3 - قوله .
1730 - والتي بعده فإن قيل كيف يكون ان يكفر السنة التي بعده مع أنه ليس للرجل ذنب في تلك السنة بعد قيل معناه يحفظ الله تعالى ان يذنب أو يعطيه من الرحمة والثواب بقدر ما يكون كفارة للسنة الماضية والسنة القابلة إذا جاءت واتفق له فيها ذنوب مصابيح .
4 - قوله .
1733 - يصوم عاشوراء ويامر بصيامه قال القاضي عياض وكان بعض السلف يقول كان صوم عاشوراء فرضا وهو باق على فرضيته لم ينسخ قال وانقرض القائلون بهذا أو حصل الإجماع على أنه ليس بفرض وإنما هو مستحب وروى عن بن عمر كراهة قصد صومه وتعيينه بالصوم والعلماء مجمعون على استحبابه وتعيينه للأحاديث واما قول بن مسعود كنا نصومه ثم ترك فمعناه انه لم يبق كما كان من الوجوب والتأكد لا الندب .
5 - قوله .
1734 - قالوا هذا يوم الخ قال المازري خبر اليهود غير مقبول فيحتمل ان النبي صلى الله عليه وسلّم أوحى اليه بصدقهم فيما قالوه أو تواتر عنده النقل بذلك حتى حصل له العلم به قال القاضي عياض ردا على المازري قد روى مسلم ان قريشا كانت تصومه فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلّم المدينة صامه فلم يحدث له بقول اليهود حكم يحتاج الى الكلام عليه وإنما هي صفة حال وجواب سؤال فقوله صامه ليس فيه أنه ابتدأ صومه حينئذ بقولهم ولو كان هذا لحملناه أنه أخبره به من أسلم من علمائهم كابن سلام وغيره قال القاضي وقد قال بعضهم يحتمل انه صلى الله عليه وسلّم كان يصومه بمكة ثم ترك صيامه حتى علم ما عند أهل الكتاب فيه فصامه قال القاضي وما ذكرناه أولى بلفظ الحديث قلت المختار قول المازري ومختصر ذلك أنه صلى الله عليه وسلّم كان يصومه كما يصومه قريش في مكة ثم قدم المدينة فوجد اليهود يصومونه فصامه أيضا بوحي أو تواتر أو اجتهاد لا بمجرد أخبار أحادهم نووي .
6 - قوله نحن أحق بموسى منكم لأنا مصدقون وعاملون بحكمه حيث أمرنا بايمان محمد صلى الله عليه وسلّم فآمنا به وعظمنا حق تعظيم موسى لا بالافراط ولا بالتفريط ويستنبط من هذا الحديث ان مطلق التشبيه بالكفار ليس بممنوع بل الممنوع ما كان من خصوصياتهم ان كانوا غير متبعين بالشريعة كالمجوس والهنود وأما من كان اتبع شريعة نبيه ففعل فعلا حسنا ولم ينه عنه نبينا صلى الله عليه وسلّم فاتباعهم ليس بممنوع في ذلك فكان النبي صلى الله عليه وسلّم يحب موافقة أهل الكتاب مما لم يؤمر به واستدل بهذا الحديث من جوز تعيين الأيام بعبادة خاصة بسبب خاص كالتصدق على أرواح الأموات يوم وفاتهم لأن النبي صلى الله عليه وسلّم خص عاشوراء بالصوم وخص يوم الإثنين كذلك لأنه ولد فيه وفيه انزل عليه الوحي إنجاح .
7 قوله