الباب السادس .
فصل : قال أصحابنا : يستحب للامام في الصلاة الجهرية أن يسكت أربع سكتات في حال القيام إحداها أن يسكت بعد تكبيرة الإحرام ليقرأ دعاء التوجه وليحرم المأمومون .
والثانية عقيب الفاتحة سكتة لطيقة جدا بين آخر الفاتحة وبين آمين لئلا يتوهم أن آمين من الفاتحة .
والثالثة : بعد آمين سكتة طويلة بحيث يقرأ المأمومون الفاتحة والرابعة بعد الفراغ من السورة يفصل بها بين القراءة وتكبير الهوي إلى الركوع .
فصل يستحب لكل قارئ كان في الصلاة أو في غيرها إذا فرغ من الفاتحة أن يقول أمين والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة وقد قدمنا في الفصل قبله أنه يستحب أن يفصل بين آخر الفاتحة وآمين بسكتة لطيفة ومعناه اللهم استجب وقيل كذلك فليكن وقيل افعل وقيل معناه لا يقدر على هذا أحد سواك وقيل معناه لا تخيبت رجاءنا وقيل معناه اللهم أمنا بخير وقيل هو طابع لله على عباده يدفع به عنهم الآفات وقيل هي درجة في الجنه يستحقها قائلها وقيل هواسم من أمنؤ الله تعالى وأنكر المحققون والمجاهير هذا وقيل هو اسم عبراني غير معرب وقال أبو بكر الوراق : هو قوة للدعاء واستنزل للرحمة وقيل عير ذلك وفي آمين بالامالة مع المد حكاها الواحدي عن حمزة و الكسائي والرابعة بتشديد الميم مع المد حكاها الواحدي عن حمزة والكسائي والرابعة بتشديد الميم مع المد حكاها عن الحسن و الحسن بن الفضيل قال : ويحقق ذلك ما روي عن جعفر الصادق Bه قا ل : معناه قاصدين نحوك وأنت أكرمم من أن تخيب قاصدا هذا كلام الواجدي وهذه الرابعة غريبة جدا فقد عدها أكثرأهل اللغة من لحن العوام وقال جماعة من أصحابنا : من قالها في الصلاة بطلت صلاته قال أهل العربية : حقها في العربية الوقت لايها بمنزلة الاصوات فإذا وصلها فتح النون لالتقاء الساكنين كما فتحت في أين وكيف فلم تكسر لثقل الكسرة بعد الياء فهذا مختصر مما يتعلق بلفظ آمين وقد بسطت القول فيها بالشواهد وزيادة الاقوال في كتاب { تهذيب الاسماء والغات } قال العلماء : ويستحب التأمين في الصلاة للامام والمأموم والنفرد ويجهر الامام والمنفرد بلفظ آمين في الصلاة الجهرية واختلفوا في جهر المأموم والصحيح أنه يجهر والثاني لا يجهر والثالث يجهر إن كان جمعا كثيرا وإلا فلا ويكون تأمين المأمون مع تأمين الامام ولا الضالين فقولوا آمين فمن وافق بامسنه تأمين الملائكة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وأما قوله قلى الله عليه وسلم في الصحيح [ إذا أمن الامام فأمنوا ] فمعناه إذا أراد اللتامسن قال أصحابنا : وليس في الصلاة موضع يستحب أن يقترن ننقول المأموم بقول الامام إلا في قوله آمين وأما في الأقوال الباقية فيتأخر قول المأموم .
فصل : في سجود التلاوة وهو مما يتأكد الاعتناء به فقد أجمع العلماء على الامر بسجود التلاوة واختلفوا في انه أمر استحباب ام إيجاب ؟ فقال الجماهير : ليس بواجب بل مستحب وهذا قول عمر بن نالخطاب Bه وابن عباس و عمران بن حصين و مالك و الاوزاعي و الشافعي و أحمد و إسحق و أبي ثور و داود وغيرهم وقال أبو حنيفة C : هو واجب واحتج بقوله تعالى { فما لهم لا يؤمنون * وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } واحتج الجمهور بما صح عن عمر بن الخطاب Bه [ انه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النمل حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجدالناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأبها حتى إذا جاء السجدة قال : ياأيها الناس إنما نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه ولم يسجد عمر ] رواه البخاري وهذا الفعل والقول من عمر Bه في هذا المجع دليل ظاهر وأما الجواب عن الآية التي احتج بها أبو حنيفة Bه فزاهر لأن المراد ذمهم على ترك السجود تكذيبا كما قال تعالى بعده { بل الذين كفروا يكذبون } وثبت في الصحيحين عن زيد بن ثابت Bه [ أنه قرأ على النبي A والنجم فيم يسجد ] وثبت في الصحيحين [ أنه A سجد في النجم ] فدل على أنه ليس بواجب .
فصل : في بيان عدد السجدات ومحلها أما عددها المختار الذي قاله الشافعي C والجماهير أنها أربع عسر سجدة : الأعراف والرعد والنخل وسبحان ومريم وفي الحج سجدتان وفي العرقان والنمل وألم وحم السجدة والنجم وإذا السماء انشقت واقرأباسم ربك وأما سجدة ص فمستحبة فليست من عزائم السجود : أي متأكد أنه ثبت في حصيح البخاري عن ابن عباس Bهما قال [ ص ليست من عزائم السجود وقد رأيت النبي صلى الله علية وسلم سجدفيها ] هذا مذهب الشافعي ومن قال مثله وقال أبو حنيفة : هي أربع عشره أيضا لكن أسقط الثانية من الحج واثبت سجدة ص وحعلها من العزائم وعن أحمد روايتان : إحداهما كالشافعي والثانية معشرة زاد ص وهو قول أبي العباس بن شريح و أبي اسحق المروزي من أصحاب الشافعي ننوعن مالك روايتان : إحداهما كالشافعي وأشهرهما إحدى عشرة أسقط النجم واذا السماء انشقت واقرأ وهو قول قديم للشافعي والصحيح ما قدمناه والأحاديث الصحيحة تدل عليه وأما محلها فسجدة الاعراف في آخرها والرعد عقيب قوله D { بالغدو والآصال } والنحل { ويفعلون ما يؤمرون } وفي سبحان { ويزيدهم خشوعا } وفي مريم .
{ خروا سجدا وبكيا } والاولى من سجدتي الحج { إن الله يفعل ما يشاء } والثانية { وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } والفرقان { وزادهم نفورا } والنمل { رب العرش العظيم } وألم تنزيل { وهم لا يستكبرون } وحم { لا يسأمون } والنجم في آخرها ولا خلاف يعتد به في شيء من مواضعها إلا التي في حم فا ن العلماء أختلفوا فيها فذهب الشافعي وأصحابه إنها ما ذكرناه أنه عقيب يسأمون وهذا مذهب سعيد بن المسيب و محمد بن سرين و أبي وائل شقيق ابن سلمة و سفيان الثوري و أبي حنيفة ولأ أحمد و إسحاق بن راهويه وذهب آخر دون إلى أنها عقيت قوله تعلى { إن كنتم إياه تعبدون } حكاه بن المنذر عن عمر بن الخطاب و الحسن البصري وأصحاب عبدالله بن مسعود و ابراهيم النخعي وأبي صالح و طلعت بن مصرف و زبير بن الحرث و مالك بن أنس و ليث بن سعد وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي حكاه البغوي في التهذيب وأما قول أب الحسن علي بن سعيد العبد من اصحابنا في كتابه الكفاية في اختلاف الفقهاء عندنا أن سجدة النمل هي عند قوله تعلى { ويعلم ما تخفون وما تعلنون } قال : وهذا مذهب ألكثر الفقهاء وقال مالك : هي عند قوله تعالى { رب العرش العظيم } فهذا الذي نقله عن مذهبها ومذهب أكثر الفقهاء غير معروف ولا مقبول بل غلط ظاهر وهذه كتب أصحابنا مصرحة بانها عند قوله تعالى { رب العرش العظيم } .
فصل : حكم سجود التلاوة حكم صلاة النافلة في اشتراط الطهارة عن الحديث وعن النجاسة وفي استقباله القبلة وستر العورة فتحرم على من ببدنه أو ثوبه نجاسية غير مغفو عنها وعلى المحدث إلا إذا تيمم في موضع يجوز فيه التيمم وتحرم إلى غير القبيلة إلا في السفر حيث تجوز النافلة إلى غير القبيلة وهذا كله متفق عليه .
فصل : إذا قرأ سجدة ( ص ) فمن قال إنها من عزائم السجود قال يسجد سواء قرأها في الصلاة أو خارجها كسائر السجدات واما الشافعي وغيره ممن قا ل ليست من العزائم فقالو : إذا قرأها خارج الصلاة استخب له السجود لأن النبي A سجد فيها كما قدمناه وان قرأها في الصلاة لم يسجد فان سجد وهو جاهل أو ناس لم تبطل صلاته ولكن يسجد للسهو وان كان عالما فالصحيح أنه تبطل صلاته أنه زاد في الطلاق ما ليس منها فبطلت كما لو سجدللشكر فانها تبطل صلاته بلا خلاف والثاني لا تبط ل لأن له تعلقا بالصلاة ولو سجد إمامه في ( ص ) لكونه يعتقدها من العزائم والماموم لا يعتقد فلا يتابعو بل يفارقه أو يستظره قائما وإذا انتطره هل يسجد للسهو ؟ فيه وجهان : أظهرهما أنه لا يسجد .
فصل : حكم سجود التلاوة حكم صلاة النافلة في اشتراط الطهارة عن الحديث وعن النجاسة وفي استقباله القبلة وستر العورة فتحرم على من ببدنه أو ثوبه نجاسة غير معفو عنها وعلة المحدث إلا إذا تيمم في موضع يجوز فيه التيمم وتحرم إلى غير القبلة ألا في السفر حيث تجوز النافلة إلى غير القبلة وهذا كله متفق عليه .
فصل : إذا قرأ سجدة ( ص ) فمن قال إنها من عزائم السجود قال يسجد سواء قرأها في الصلاة أو خارجها كسائر السجدات وأما الشافعي وغيره ممن قال ليست من العزائم فقالوا : إذا قرأها خارج الصلاة استحب له السجود لأن النبي A سجد فيها كما قدمناه وان قرأها في الصلاة لم يسجد فان سجد وهو جافل أو ناس لم تبطل صلاته لأنه زاد في الصلاة ما ليس منها فبطلت كما لو سجد للشطر فتمخت نب .
ل صلاته بلا خلاف والثاني لا تبطل لأن له تعلقا بالصلاة ولو سجد إمامه في ( ص ) امونه يعتقدها من الزائم والمأموم لا يعتقد فلا يتابعه بل بفارقه أو ينتظره قائما وإذا انتظره هل يسجد للسهو ؟ فيه وجهان : أظهرهما أنه لا يسجد .
فصل : فيمن يسن له السجود اعلم أنه يسن للقارىء المطهر بالماء أو التراب حيث نجوز سواء كان في الصلاة أو خارجا منها ويسن للمستمع ويسن أيضا للسامع غير المستمع ولكن قال الشافعي : لا أؤكد في حقة كما أؤكد في حق المستمع هذا هو الصحيح وقا لإمام الحرمين من أصحابنا : لا يسجد السامع والمشهور الأول وسواء كان القارىء في الصلاة أو خارجا منها يسن للسامع والمستمع السجود وسواء سجدالقارىء أم لا هذا هو الصحيح المشهور عند أصحاب الشافعي لا سيجد المستمع لقراءة من في الصلاة وقال الصيدلاني من أصحاب الشافعي : لا يسن السجود إلا أن يسجد القارىء والصواب الأول ولا فرق بين أن يكون القارىء مسلما بالغا متطهرا رجلا وبين أن يكون كافرا أو صبيا أو محدثا أو امرأة هذا هو الصحيح عندنا وبه قال أبو حنيفة وقال بعض أصحابنا : لا يسجد لقراءة الكافر والصبي والمحدث والسكران وقا ل جماعة من السلف : لا يسجد لقراءة المرأة حكاه ابن المنذر عن قتادة و مالك و اسحق والصواب ما قدمناه .
فصل : وهو أن يقرأ آية او آيتين ثم يسجد حكى ابن المنذر عن الشعبي و الحسن و البصري و محمد ابن سرين و النخعي و أحمد و إسحاق أنهم كرهوا ذلك وعن أبي حنيفة و محمدبن الحسن و أبي ثور أنه لا بأس به وهذا مقتضى مذهبنا .
فصل : إذا كان مصليا منفردا سجد لقراءة نفسه فلو ترك سجود التلاوة وركع ثم أراد ان يسجد للتلاوة لم يجز فان فعل مع العلم بطلت صلاته وإن كان قد هوى لسجود التلاوى ثم بدا له ورجع إلى القيام جاز أما إذا أصغى المنفرد بالصلاة لقراءة قارىء في الصلاة أو غيرها فلا يجوز له أن يسجد ولو سجد مع العلم بطلت صلاته أما الصلي في جماعة فان كان إماما فهو كالمنفرد وإذا سجد الامام لتلاوة نفسه وجب على المأموم أن يسجد معه فان لم يفعل بطلت صلاته فان لم يسجد الامام لم يجز للمأموم السجود فان سجد بطلت صلاته ولكن يستحب أن يسجد إذا فرغ من الصلاة ولا يتأكد ولو سجد الامام ولم يعلم المأموم السجود حتى رفع الامام رأسه من السجود فهو معذور في تخلفه ولا يجوز أن يسجد ولو علم والامام بعد في السجود وجب السجود فلو هوى إلى السجود فرفع الامام رأسه وهو في القوي يرفع معه ولم يجز السجود فرفع الامام رأسه وهو في الهوى يرفع معه ولم يجز السجود وكذا الضعيف الذي هوى مع الامام إذا رفع الامام قبل بلوغ الضعيف إلى السجزد لسرعة الامام وبطء المأموم يرجع معه ولا يسجد وأما إن كان المصلي مأموما فلا يجوز أن يسجد لقراءة يفسه ولا لقراءة غير إمامه فان سجد بطلت صلاته وتكره له قراءة غير إمامه .
فصل : في وقت السجودللتلاوة قال العلماء : ينبغي أن يقع عقيب آية السجدة التي قرأها أو سمعها فان أخر ولم يطل الفصل سجد وإن طال فقد فات السجود فلا يقضى على الذهب الصحيح المشهور كما لا تقضى صلاة الكسوف وقال بعض أصحابنا : فيه قول ضعيف أنه يقضي كما تقضى السنن الراتبة كسنة ولازهر والنهار وغيرهما فأما إذا كان القارىء أو المستمع محدثا عند تلاوة السجدة فان تطهر عن قرب سجد وإن تأخرت طهارته حتى طال الفصل فالصحيح الختار الذي قطع به الأكثرون أنه لا يسجد وقيل يسجد وهو اختيار البغوي من أصحابنا كما يجيب المؤذن بعد الفراغ من الصلاة والاعتبار عي طول الفصل في هذا بالعرف على المختار والله أعلم .
فصل : إذا قرأ السجدات كلها أو سجدات منها في مجلس واحد سجد لكل سجدة بلا خلاف فان كرر الآية الواحدة في مجالس سجد لكل مرة بلاهلاف فغان كررها في المجلس الواحد نظر فان لم يسجد للمرة الأولى كفاه سجدة واحدة عن الجميع وان سججد للأولى ففيه ثلاثة أوجه : أصحها يسجد لكل مرة سجدة لتجديد السبب بعد توفية حكم الأول والثاني يكفيه سجدة الأولى غن الجميع وهو قول ابن سريج وهو مذهب أبي حنيفة C قال حاصب العدة من أصحابنا : وعليه الفتوى واختاره الشيخ نصر المقدسي الزاهد من أصحابنا والثالث إن طال الضل سجد والا فتكفيه الأولى أما إذا كرر السجدة الواحدة في الصلاة فان كان في يركعة فهي كالمجلس الواحد فيكون فيه الأوجه الثلاثة وان كان في ركعتين فكالمجلس فيعيد السجود بلا خلاف .
فصل : إذا أقر السجدة وهو راكب على دابة في السفر سجد بالايماء هذا مذهبنا ومذهب مالك و أبي حنيفة و أبي يوسف و محمد و أحمد و زفر و داود وغيرهم وقا لبعض أصحاب أبي حنيفة : لا يسجد والصولب مذهب الجماهير وأما الراكب في الحضر فلا يجوز أن يسجد بالايماء .
فصل : إذا قرأ آية السجد في الصلاة قبل الفاتحة سجد بخلاف ما إذا قرأ في الركوع أو السجود فإنه لا يجوز ان يسجد لأن القيام محل القراءة ولو قرأ السجدة فهوى ليسجد فشك هل قرأ الفاتحة فإنه يسجد للتلاوة ثم يعود إلى القيام فيقرأ الفاتحة لأن سجود التلاوة لا يؤخر .
فصل : لو قرأ آية السجدة بالفارسية لا يسجد عندنا كما لو فسر آية سجدة وقال أبو حنيفة يسجد .
فصل : إذا سجد المستمع مع القارىء لايرتبط به ولا ينوي الاقتداء به وله الرفع من السجود قبله .
فصل : لا تكره قراءة آية السجدة للأمام عندنا سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية ويسجد إذا قرأها قال مالك يكره ذلك مطلقا وقال أبو حنيفة يكره في السرية دون الجهرية .
فصل : لا يكره عندنا سجود التلاوة في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها وبه قال الشعبي و الحسن و البصري و سالم ابن عبد الله و القاسم و عطاء 4عكرمة و أبو حنيفة وأصحاب الرأي و مالك في إحدى الروايتين وكرهت ذلك طائفة من العلماء منهم عبد الله بن عمر و سعيد بن السميب و مالك في الرواية الأخرى و إسحق بن راهويه و أبو ثور .
فصل : لا يقوم الركوع مقام سجدة التلاوة في حال الاختيار وهذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء السلف والخلف وقال أبو حنيفة C : يقوم مقامه ودليل الجمهور القياس على سجود الصلاة وأما العاجز عن السجود فيومىء إليه كما يومىء لسجود الصلاة .
فصل : في صفة السجود أعلم أن الساجد للتلاوة له حالان : أحدهما أن يكون خارج الصلاة والثاني أن يكون فيها أما الأول فإذا أراد السجود نوى سجود التلاوة وكبر للاخرام ورفع يديه حذو منكبيه كما يفعل في تكبيرة الاحرام للصلاة ثم بكبر تكبيرة أخرى للهوي إلى السجود ولا يرفع فيها اليد وهذه التكبيرة الثانية مستحبة ليست بشرط كتكبيرة سجدة الصلاة وأما التكبيرة الأولى تكبيرة الاحرام ففيها ثلاثة أوجه لأصحابنا : أظهرها وهو قول الأكثرين منهم أنها ركن ولا يصح السجود إلا بها والثاني أنها مستحبة ولو تركت صح السجود وهذا قول الشيخ أبي محمدالجويني والثالث ليست مستحبة والله أعلم ثم إن كان الذي يريد السجود قائما كبر للاحرام في حال قيامه ثم يكبر للسجود في انحطاطه إلى السجود وإن كان جالسا فقد قفا لجماعات من أصحابنا : يستحب له أن يقوم فيكبر للاحرام قائما ثم يهوي للسجود كما بإذن كان في الابتداء قائما ودليل هذا القياس على الاحرام والسجودفي الصلاة وممن يص على هذا وجزم به من أئمة أصحابنا الشيخ أبو محمد الجويني والقاضي حسين وصاحباه صاحب التتمة والتهذيب والامام المحقق أبو القاسم الرافعي ومكاه إمام الحرمين عن والده الشيخ أبي محمد وحكاه إمام الحرمين عن والده الشيخ أبي محمد ثم أنكره وقا للم أر لهذا أصلا ولا ذكرا وهذا الذي قاله إمام الحرمين ظاهر فلم يثبت فيه شيء عن النبي صالى الله عليه وسلم ولا عمن يقتدي به من السلف ولاتعرض له الجمهور من أصحابنا والله أعلم ثم إذا سجد فينبغي أن يراعي آداب السجود في الهيئة والتسبيح أما الهيئة فينبغي أن يضع يديه حذو منكبيه على الأرض ويضم أصابعه وينشرها إلى جهة القبلة ويخرجها من كمه ويباشر المصلى بها ويجافي مرفقيه عن جنبيه ويرفع بطنه عن فخذيه إن كان رجلا فإن كانت امرأة أو خنثى لم يجاف ورفع الساجد أسافله على رأسه وسمكن جبهته وأنفه من المصلى ويطمئن في سجوده وأما التسبيح في السجود فقال أصحابنا يسبح بما يسبح به في سجود الصلاة فيقول ثلاث مرات سبحان ربيالأعلى ثم يقول اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجدوجهي للذي خلقه وصوره وشق مسعه وبصره بحوله وقوبه تبارك الله أحسن الخالقين ويقول : سبوح قدوس رب الملائكة والروح فهذا كله مما يقوله المصلي في سجود الصلاة قالوا : ويستحب أن يقول : الهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا وضع عني وزرا واقباها مني كما قبلتها من عبدك داود A وهذا الدعاء خصيص بهذا السجود فينبغي كما أن يحافظ عليه وذكر الاستاذ إسماعيل الضرير في كتابه { التفسير } أن اختيار الشافعي Bه في دعاء سجود التلاوة أن يقول ( سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ) وهذاالنقل عن 4الشافعي غريب جدا وهو حسن فإن ظاهر القرآن يقتضي مدح قائله في السجود فيستحب أن يجمع بين هذه الأذكار كلها ويدعو بما يريد من أمور الآخره والدنيا وإن اقتصر على بعضها حصل أصل التسبيح ولو لم يسبح بشيء أصلا حصل السجود كسجود الصلاة ثم ‘ذا فرغ من التسبيح والدعاء رفع رأسه مكبرا وهل يفتقر إلى السلام فيه قولان منصوصان للشافعي مشهوران : أصحها عند جماهير أصحابه أنه يفتقر لافتقاره إلى الاحرام ويصير كصلاة الجنازة ويؤيد هذا ما رواه ابن أبي داود باسناده الصحيح عن عبد الله ابن مسعود Bه أنه كان إذا قرأ السجدة سجدة ثم سلم والثاني لا يفتقر كسجود التلاوة في الصلاة ولأنه لم ينقل عن النبي A ذلك فعلة الأول هل يفتقر إلى التشهد ؟ فيه وجهان : أصحهما لا يفتقر كما لا يفتقر إلى القيام وبعض أصحابنا يجمع بين المسألتين وقول في التشهد والسلام ثلاثة أوجه : أحصها أنه لا بد من السلام دون التشهد والثاني لا يحتاج إلى واحد منها والثالث لا بد منهما وممن قال من السلف يسلم محمد بن سيرين و أبو عبد الرحمن السلمي و أبو الأحوص و أبو قلابة و إسحاق بن راهويه وممن قال لا يسلم الحسن البصري و سعيد بن جبير و ابراهيم النخعي و يحيي بن وثاب و أحمد وهذا كله في الحال الأول وهو السجود خارج الصلاة والحال الثاني أن يسجد للتلاوة في الصلاة فلا يكبر للاحرام ويستحب أن يكبر للسجود ولا يرفع يديه ويكبر للرفع من السجود هذا هو الصحيح المشهور الذي قاله الجمهور وقال أبو علي بن أبي هريرة من أصحابنا : لا يكبر للسجود ولا للرفع والمعروف الأول وأما الآداب في هيئة السجود والتسبيح فعلى ما تقدم في السجود خارج الصلاة إلا أنه إذا كان الساجد إماما فينبغي أن لا يطول التسبيح إلا أن يعلم من حال المأمومسن أنهم يؤثرون التطويل ثم إذا رفع من السجود قام ولا يجلس للاستراحة بلاخلاف وهذه مسألة غريبة قل من يص عليها وممن نص عليها القاضي حسين و البغوي و الرافعي هذا بخلاف سجود الصلاة فإن القول الصحيح البخاري وغيره استحباب جلسة للاستراحة عقيب السجدة الثانية من الركعة الأولى في كل الصلوات ومن الثالثة في الرباعيات ثم إذا رفع من سجدة التلاوة فلا بد من الانتصاب قائما والمستحب إذا انتصب أن يقرأ شيئا ثم يركع فإن انتصب ثم ركع من غير قراءة جاز .
فصل : في الأوقات المختارة للقراءة اعلم أن أفضل القراءة ما كان في الصلاة ومذهب الشافعي 4 وغيره أن تطويل القيام في الصلاة أفضل من تطويل السجود وغيره وأما القراءة في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل والنصف الأخير من الليل أفضل من النصف الأول والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة وأما القراءة في النهار فأفضلها بعد صلاة الصبح ولاكراهية في القراءة في وقت من الأوقات لمعنى فيه وأما ما رواه ابن أبي داود عن معاذ بن رفاعة عن مشايحة أنهم كرهوا القراءة بعد العصر وقالوا هي دراسة اليهود فغير مقبرل ولا أصل له ويختار من الأيام الجمعة والاثنين والخميس ويوم عرفة ومن الأعشار العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة ومن الشهور رمضان .
فصل : إذا أرتج على القارىء ولم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه فسأل عنه غيره ف ينبغي أن يتأدب بما جاء عن عبد الله بن مسعود و ابراهيم النخعي و بشير بن أبي مسعود Bهم قالوا : إذا سأل أحدكم أخاه عن آية فليقرأما قبلها ثم يسكت ولا يقول كيف كذا وكذا فإن يلبس عليه .
فصل : إذا اراد أن يستدل بآية فله أن يقول : قال الله تعالى وله أن يقول : الله تعالى يقول كذا ولا كراهة في شيء من هذا هذا هو الصحيح المختار الذي عليه عمل السلف والخلف وروى ابن أبي داود عن مطرف بن عبد الله بن الشخير التابعي المشهور قال : لا تقولوا إن الله تعالى يقول ولكن قولوا إن الله تعالى قال وهذا الذي أنكره مطرف C خلاف ما جاء به القرآن والسنة وفعلته الصحابة ومن بعدهم Bهم فقد قال الله تعالى { والله يقول الحق وهو يهدي السبيل } وفي صحيح مسلم عن أبي ذر Bه قال : [ قال رسول الله A يقول الله سبحانه وتعالى { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } ] وفي صحيح البخاري في باب تفسير ( لن تنالوا البر جتى تنفقوا مما تحبون ) فقال أبو طلحة : يا رسول الله إن الله تعالى يقول { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } فهذا كلام أبي طلحة في حضرة النبي A وفي الصحيح عن مسروق C قال ( قلت لعائشة Bها : ألم يقل الله تعالى { ولقد رآه بالأفق المبين } فقالت : أم تسمع أن الله تعالى يقول { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } أو لم تسمع أن الله تعالى يقول .
{ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب } الآية ثم قالت : في هذا الحديث والله اغلى يقول { يا أيها الرسول بلغ } ثم قالت : والله تعلى يقول { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } نظائر هذا كلام السلف والخلف أكثر من أن تحصر والله أعلم .
فصل : في آداب الختم وما يتعلق به فيه مسائل : الأولى في وقته : قد تقدم أن الختم للقارئ وحده يستحب أن يكون في الصلاة وأنه قيل يستحب أن يكون في ركعتي سنة الفجر وركعتي سنة المغرب وفى ركعتي الفجرأفضل وأنه يستحب أن يختم ختمة في أول النهار في دور ويختم ختمة أخرى في آخر النهار في دورآخر وأما من يختم في غير الصلاة والجماعة الذين نختمون مجتمعين فيستحب أن تكون ختمتهم أول النهار أوفي أول الليل كما تقدم وأول النهار أفضل عند بعض العلماء .
المسألة الثانية : يسحب صيام يوم الختم إلا أن يصادف يوما نهى الشرع عن صيامه وقد روى ابن أبي داود باسناده الصحيح : أن طلحة بن مطرف و حبيب بن أبي ثابت و المسيب ابن رافع التابعيين الكوفيين Bهم أجمعين كانوا يصبحون في اليوم الذي يختمون فيه القرآن صياما المسألة الثالثة : يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحسابا متأكدا فقد ثبت في الصحيصين ( أن رسول الله صاى الله عليه وسلم أمر الحيض بالخروج يوم العيد ليشهدن الخير ودعوة المسلمين ) وروى الدرامي وابن أبي داود واسنادهما عن ابن عباس Bهما أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن فاذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس فيشهد ذلك وروى ابن أبي داود باسنادين صحيحين عن قتادة التابعي الجليل حاصب أنس Bه قال : كان أنس بن كالك Bه إذ ختم القرآن جمع أهله ودعا وروى بأسانيده الصحيحة عن الحكم بن عيينة التابعي الجليل قال أرسل إلى مجاهد وعتبة بن لبابة فقالا إنا أرسلنا إليك لأنا أردنا أن نختم القرآن والدعاء يستجاب عند ختم القرآن وفي بعض الروايات الصحيحة وأنه كان يقال : أن الرحمة تنزل عند خاتمة القرآن وروى باسناده الصحيح عن مجاهد قال : كانوا يجتمعون عند ختم القرآن يقولون تنزل الرحمة المسألة الرابعة : الدعاء مستحب عقيب الختم استحبابا متأكدا لما ذكرناه في المسألة التي قبلها وروى الدرامي باسناده عن عميد الأعرج قال : من قرأ القرآن ثم دعا أمن على دعائه أربعة آلاف ملك وينبغي أن يلح في الدعاء وأن يدعو بالأمور المهمة وأن يكثر في ذلك في صلاح المسلمين وصلاح سلطانهم وسائر ولاة أمورهم وقد روى الحاكم أبو عبد الله النيسابوري باسناده أن عبد الله بن المبارك Bه كان إذا ختم القرآن كان أكثر دعائه للمسلمين والمؤمينن والمؤمنات وقد قال نحو ذلك غيره فيييختار الداقي الدعوات الجامعة كقوله : اللهم أصلح قلوبنا وأزل عيوبنا وتولنا بالحسنى وارزقنا طاعتك ما أبقينا اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسر وأعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأعذنا من عذا ب النار وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال اللهم إنا نسألك الهدى والتقوى والعفاف والغنى اللهم إنا نستودعك أدياننا وأبداننا وخواتيم أعمالنا وأنفسنا وأهالينا وأحبابنا وسائر المسلمين وجميع ما انعمت علينا وعفليهم من أمور الآخرة والدنيا اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة واجمع بيننا وبين احبابنا في دار كرامتك بفظلك ورحمتك اللهم اصلح ولاة السملمينن ووفقهم للعدل في رعاياهم والاحسان إليهم والشفقة عليههم والرفق بهم الاعتناء بمالصحهم وحببهم إلى الرعية وحبب الرعية إليهم ووفقهم لصراط المستقيم والعمل بوظائف دينك القويم اللهم الطف بعبدك سلطاننا ووفقه لمصالح الدنيا والآخرة وحببة ألى رعيته وحبب الرعية إليه ويقول باقي الدعوات الذكورة في جملة الولاة ويزيد اللهم ارحم يفسه وبلاده وصن أتباعه وأجناده وانصره على أعداء الدين وسائر المخالفين ووفقه لا زاغلة المنكرات وإظهار المحاسن وأنواع الخيرات وزد الاسلام بسببه ظهورا وأعزه ورعيته إعزارا باهرا اللهم أصلح أحوال المسلمين وأرخص أسعارهم وأمنهم في أوطانهم واقض ديونهم وعاف مرضاهم وانصر جيوشهم وسلم غيابهم وفك أسراهم وأشف صدورهم وأذهب غيظ قلوبهم وألف بينهم واجعل في قلوبهم الايمان والحكمة وثبتهم على ملة رسولك A وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه وانصرهم على عدوك وعدوهم إله الحق واجعلنا منهم اللهم اجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين به ناهين عن المنكر مجتنبين له محافظين على حدودك قائمين على طاعتك متناصفين متناصحين اللهم صنهم في أقوالهم وأفعالهم وبارك لهم في جميع أحوالهم ويفتح دعاءه ويختمه بهوله الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافىء مزيده اللهم صل ويلم على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وبارك على محمد وعلى أل محمد كما بابركت على ابراهيم وعلى أل براهيم في العلمين إنك حميد مجيد المسألة الخامسة : يستحب غذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى عقيب الختمة فقد استحبه السلف واحتجوا فيه بحديث أنس Bه أن رسول الله A قال [ خير الأعمال الحل والرحلة قيل وما هما قال : افتتاح القرآن وختمه ]