كما جاء في حديث إرادة رسول الله A قتل عبد الله بن أبي سرح واعتراض عثمان بشفاعته له : أن عمر قال له : لقد كان عيني إلى عينك هل تشير إلى فأقتله فقال : إن الأنبياء لا تومض ظاهرهم وباطنهم واحد . فإن قلت : كيف عاتبه الله في ستر ما استهجن التصريح به ولا يستهجن النبي A التصريح بشيء إلا الشيء في نفسه مستهجن وقالة الناس لا تتعلق إلا بما يستقبح في العقول والعادات ؟ وما له لم يعاتبه في نفس الأمر ولم يأمره بقمع الشهوة وكف النفس عن أن تنازع إلى زينب وتتبعها ؟ ولم يعصم نبيه A عن تعلق الهجنة به وما يعرضه للقالة ؟ قلت : كم من شيء يتحفظ منه الإنسان ويستحي من اطلاع الناس عليه وهو في نفسه مباح متسع وحلال مطلق لا مقال فيه ولا عيب عند الله وربما كان الدخول في ذلك المباح سلما إلى حصول واجبات يعظم أثرها في الدين ويجل ثوابها ولو لم يتحفظ منه لأطلق كثير من الناس فيه ألسنتهم إلا من أوتى فضلا وعلما ودينا ونظرا في حقائق الأمور ولبوبها دون قشورها . ألا ترى أنهم كانوا إذا طعموا في بيوت رسول الله A بقوا مرتكزين في مجالسهم لا يريمون مستأنسين بالحيث وكان رسول الله A يؤذيه قعودهم ويضيق صدره حديثهم والحياء يصده أن يأمرهم بالأنتشار حتى نزلت " إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق " الأحزاب : 53 ولو أبرز رسول الله A مكنون ضميره وأمرهم أن ينتشروا لشق عليهم ولكان بعض المقالة فهذا من ذاك القبيل لأن طموح قلبل الإنسان إلى بعض مشتهياته من امرأة أو غيرها غير موصوف بالقبح في العقل ولا في الشرع لأنه ليس بفعل الإنسان ولا وجوده باختياره وتناول المباح بالطريق الشرعي ليس بقبيح أيضا وهو خطبه زينب ونكاحها من غير استنزال زيد عنها ولا طلب إليه وهو أقرب إليه منه من زر قميصه أن يواسيه بمفارقتها مع مقوة العلم بأن نفس زيد لم تكن من التعلق بها في شيء بل كانت تجفوا عنها ونفس رسول الله A متعلقة بها ولم يكن مستنكرا عندهم أن ينزل الرجل عن امرأته لصديقه ولا مستهجنا إذا نزل عنها أن ينكحها الآخر فإن المهاجرين حين دخلوا المدينة آستهم الأنصار بكل شيء حتى إن الرجل منهم إذا كانت له امرأتان نزل عن إحداهما وأنكحها المهاجر وإذا كان الأمر مباحا من جميع جهاته ولم يكن فيه وجه من وجوه القبح ولا مفسدة ولا مضرة يزيد ولا بأحد بل كان مستجرا مصالح ناهيك بواحدة منها أن بنت عمة رسول الله A أمنت الأيمة والضيعة ونالت الشرف وعادت أما من أمهات المسلمين إلى ما ذكر الله D من المصلحة العامة في قوله : " لكى لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وكرا " فبالحري أن يعاتب الله ورسوله حين كتمه وبالغ في كتمه بقوله : " أمسك عليك زوجك واتق الله " وأن لا يرضى له إلا اتحاد الضمير والظاهر والثبات في مواطن الحق حتى يقتدي به المؤمنون فلا يستحيوا من المكافحة بالحق وإن كان مرا . فإن قلت : الواو في " وتخفى في نفسك " " وتخشى الناس والله أحق " ما هي ؟ قلت : واو الحال أي تقول لزيد : أمسك عليك زوجك مخفيا في نفسك إرادة أن يمسكها وتخفى خاشيا قاله الناس وتخشى الناس حقيقا في ذلك بأن تخشى الله أو واو العطف كأنه قيل : وغذ تجمع بين قولك : أمسك وإخفاء خلافه وخشية الناس . والله أحق أن تخشاه حتى لا تفعل مثل ذلك . إذا بلغ البالغ حاجته من شيء له فيه همة قيل : قضى منه وطره . والمعنى : فملا لم يبق لزيد فيها حاجة وتقاصرت عنها همته وطابت عنها نفسه وطلقها وانتقضت عدتها " زوجناكم " وقراءة أهل البيت : زوجتكها . وقيل لجعفر بن محمد Bهما : أليس تقرأ علي غير ذلك فقال : لا والذي لا إله إلا هو ما قرأتها على أبي إلا كذلك ولا قرأها الحسن بن علي على أبيه إلا كذلك ولا قرأها علي بن أبي طالب على النبي A إلا كذلك " وكان أمر الله مفعولا " جملة اعتراضية يعني وكان أمر الله الذي يريد أن يكونه مفعولا مكونا لا محالة وهو مثل لما أراد كونه من تزويج رسول الله A زينب ومن نفي الحرج عن المؤمنين في إجراء أزواج المتبنين مجرى أزواج البنين