أحد في الأصل بمعنى وحد وهو الواحد ثم وضع في النفي العام مستويا فيه المذكر والمؤنث والواحد وما وراءه . ومعنى قوله : " لستن كأحد من النساء " لستن كجماعة واحدة من جماعات النساء أي : إذا تقصت أمه النساء جماعة جماعة لم توجد منهن جماعة واحدة تساويكن في الضل والسابقة ومثله قوله تعالى : " والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرق بين أحد منهم " النساء : 152 يريد أردتن التقوى وإن كنتن متقيات " فلا تخضعن بالقول " فلا تجبن بقولكن خاضعا أي : لينا خنثا مثل كلام المربيات والموسات " فيطمع الذي في قلبه مرض " أي ريبة وفجور . وقرئ بالجزم عطفا على محل فعل النهي على أنهن نهين عن الخضوع بالقول . ونهى المريض عن الطمع كأنه قيل : لا تخضعن فلا يطمع . وعن ابن محيصن أنه قرأ بكسر الميم وسبيله ضم الياء مع كسرها وإسناد الفعل إلى ضمير القول أي : فيطع القول المريب " قولا معروفا " بعيدا من طمع المريب بجد وخشونة من غير تخنث أو قولا حسنا مع كونه خشنا .
" وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وءاتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " " وقرن " بكسر القاف من قر يقر وقارا . أو من قر يقر حذفت الأولى من رائي : أقررن ونقلت كسرتها إلى القاف كما تقول : ظلن وقرن بفتحها وأصله : أقررن فحذفت الراء وألقيت فتحتها على ما قبلها كقولك : ظلن وذكر أبو الفتح الهمداني في كتاب التبيان : وجها آخر قال : قار يقار : إذا اجتمع . ومنه . القارة لاجتمتعها ألا ترى إلى قول عضل والديش واجتمعوا فكونوا قارة . و " الجاهلية الأولى " هي القديمة التي يقال لها الجاهلية الجهلاء وهي الزمن الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام : كانت المرأة تلبس الدرع مع الؤلؤ فتمشى وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال وقيل : ما بين آدم ونوح . وقيل : بين إدريس ونوح . وقيل : زمن داود وسليمان والجاهلية الأخرى : ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام . ويجوز أن تكون الجاهلية الأولى : جاهلية الكفر قبل اسلام . والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام فكأن المعنى : ولا تحدثن بالتبرج جاهلية في الإسلام تتشبهن بها بأهل جاهلية الكفر . ويعضده ما روي : أن رسول الله A قال لأبي الدرداء Bه : إن فيك جاهلية قال جاهلية كفر أم إسلام ؟ فقال : بل جاهلية كفر . أمرهن أمرا خاصا بالصلاة والزكاة ثم الطابعات : من أعتنى بهما حق اعتنائه جرتاه إلى ما وراءهما ثم بين أنه إنما نهاهن وأمرهن ووعظن لئلا يقارف أهل بين رسول الله A المآثم وليتصونوا عنها بالتقوى . واستعار للذنوب : الرجس وللتقوى : الطهر ؛ لأن عرض المقترف للمقبحات يتلوث بها ويتدنس كما يتلوث بدنه بالأرجاس . وأما المحسنات فالعرض معها نقي مصون كالثوب الطاهر . وفي هذه الاستعارة ما ينفر أولى الألباب عما كرهه الله لعباده ونهاهم عنه ويرغبهم فيما رضيه لهم وأمرهم به . و " أهل البيت " نصب على النداء . أو على المدح . وفي هذا دليل بين على أن نساء النبي A من أهل بيته .
" واذكرن ما يتلى في بيوتكم من ءايات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا " ثم ذكرهن أن بيوتهن مهابط الوحي وأمرهن أن لا ينسين ما يتلى فيها من الكتاب الجامع بين أمرين : هو آيات بينات تدل على صدق النبوة ؛ لأنه معجزة بنظمه . وهو حكمة وعلوم وشرائع " إن الله كان لطيفا خبيرا " حين علم ما ينفعكم ويصلحكم في دينكم فأنزل عليكم أو علم من يصلح لنبوته ومن يصلح لأن يكونوا أهل بيته . أو حيث جعل الكلام الواحد جامعا بين الغرضين .
" إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا " والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما " يروي : أن أزواج النبي A قلن : يا رسول الله ذكر الله تعالى الرجال في القرآن بخير أفما فينا خير نذكر به ؟ إنا نخاف أن تقبل منا طاعة . وقيل : السائلة أم سلمة