" النبي أولى بالمؤمنين " في كل شئ من أمور الدين والدنيا " من أنفسهم " ولهذا ألق ولم يقيد فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم وحكمه أنفذ عليهم من حكمها وحقه آثر لديهم من حقوقها وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها وأن يبذلوها دونه ويجعلوها فداءه إذا أعضل خطب ووقاءه إذا لقحت حرب وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم ولا ما تصرفهم عنه ويتبعوا كل ما دعاهم إليه رسول الله A وصرفهم عنه لأن كل ما دعا إليه فهو إرشاد لهم إلى نيل النجاة والظفر بسعادة الدارين وما صرفهم عنه فأخذ بحجدزهم لئلا يتهافتوا فيما يرمي بهم إلى الشقاوة وعذاب النار . أو هو أولى بهم على معنى أنه أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم كقوله تعالى : " بالمؤمنين رؤوف رحيم " بالتوبة : 128 وعن النبي A : ما من مؤمن إلا أنا أولى به في الدنيا والآخرة . اقرؤوا إن شئتم " النبي أولة بالمؤمنين من أنفسهم " فأيما مؤمن هلك وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا وإن ترك دينا أو ضياعا فإلى وفي قراءة ابن مسعود : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسم وهو أب لهم . وقال مجاهد : كب نبي فهو أبو أمته . ولذلك صار المؤمنون إخوة ؛ لأن النبي النبي A أبوهم في الدين " وأزواجه أمهاتهم " تشبيه لهن بالأمهات في بعض الأحكام وهو وجوب تعظيمهن واحترامهن وتحريم نكاحهن : قال الله تعالى " ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا " الأحزاب : 53 وهن فيما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيات ولذلك قالت عائشة Bها : لسنا أمهات النساء . تعني أنهن إنما أمهات الرجال لكونهن محرامات عليهم كتحريم أمهاتهم . والدليل على ذلك : أن هذا التحريم لم يتعد إلى بناتهن وكذلك لم يثبت لهن سائر أحكام الأمهات . كان المسلمون في صدر الإسلام يتوارثون بالولاية في الدين وبالهجرة لا بالقرابة كما كانت تتألف قلوب قوم بإسهام لهم في الصدقات ثم نسخ ذلك لما دجا الإسلام وعز أهله وجعل التوارث بحق القرابة " في كتاب الله " في اللوح . أو فيما أوحى الله إلى نبيه وهو هذه الآية . أو في آية المواريث . أو فيما فرض الله كقوله : " كتاب الله عليكم " النساء : 24 . " من المؤمنين والمهاجرين " يجوز أن يكون لابتداء الغاية . أي : أولو الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحق الولاية في الدين ومن المهاجرين بحق الهجرة . فإن قلت : مم استثنى " أن تفعلوا " قلت : من أعم العام في معنى النفع والإحسان كما تقول : القريب أولى من الأجنبي إلا في الوصية . والمراد بفعل المعروف : التوصية لأنه لا وصية لوارث وعدي تفعلوا بإلى لأنه في معنى : تسدوا وتزلوا والمراد بالأولياء : المؤمنون والمهاجرون للولاية في الدين " ذلك " إشارة إلى ما ذكر في الآيتين جميعا . وتفسير الكتاب : ما مر آنفا والجملة مستأنفة كالخاتمة لما ذكر من الأحكام .
" وإذا أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا لسئل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما "