" ولقد " وصفنا لهم كل صفة كأنها مثل غرابتها وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشأن كصفة المبعوثين يوم القيامة وقصتهم وما يقولون وما يقال لهم وما لا ينفع من اعتذارهم ولا يسمع من استعتابهم ولكنهم - لقسوة قلوبهم ومج أسماعهم حديث الآخرة - إذا جئتهم بآية من آيات القرآن قالوا : جئتنا بزور وباطل ثم قال : مثل ذلك الطبع يطبع الله على قلوب الجهلة . ومعنى طبع الله : منع الألطاف التي ينشرح لها الصدور حتى تقبل الحق وإنما يمنعها من علم أنها لا تجدي عليه ولا تغنى عنه كما يمنع الواعظ الموعظة من يتبين له أن الموعظة تلغو ولا تنجح فيه فوقع ذلك كناية عن قسوة قلوبهم وركوب الصدأ والرين إياها فكأنه قال : كذلك تقسو وتصدأ قلوب الجهلة حتى يسموا المحقين مبطلين وهم أعرق خلق الله في تلك الصفة " فأصبر " على عداوتهم " إن وعد الله " بنصرتك وإظهار دينك على الدين كله " حق " لا بد من انجازه والوفاء به لا يحمنك على الخفة والقلق جزعا مما يقولون ويفعلون فإنهم قوم شاكون ضالون لا يستبعدون منهم ذلك وقرئ بتخفيف النون وقرأ ابن أبي إسحق ويعقوب ولا يستحقنك أي يفتننك فيملكوك ويكونوا أحق بك من المؤمنين . عن رسول الله A : من قرأ سورة الروم كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك سبح الله بين السماء والأرض وأدرك ما ضيع في يومه وليلته .
سورة لقمان .
مكية وآياتها 34 وقيل 33 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
" الم تلك ءايات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون " " الكتاب الحكيم " ذي الحكمة . أو وصف بصفة الله تعالى على الإسناد المجازي . ويجوز أن يكون الأصل : الحكيم قائله فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فبانقلابه مرفوعا بعد الجر استكم في الصفة المشبهة " هدى ورحمة " بالنصب على الحال عن الآيات والعامل فيها : ما في تلك من معنى الإشارة . وبالرفع على أنه خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف " للمحسنين " للذين يعلمون الحسنات وهي التي ذكرها : من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإيقان بالآخرة ونظيره قول أوس : .
الألمعي الذي يظن بك الظن ... كأن قد رأى وقد سمعا .
حكى عن الأصمعي : أنه سئل عن الألمعي فأنشده ولم يزد . أو للذين يعملون جميع ما يحسن من الأعمال ثم خص منهم القائمين بهذه الثلاث بفضل الاعتدال بها .
" ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين وإذا تتلى عليه ءايتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كان أذنيه وقرأ فبشره بعذاب أليم " اللهو كل باطل ألهي عن لخير وعما يعني و " لهو الحديث " نحو السمر بالأساطير والأحاديث التي أصل لها والتحديث بالخرافات والمضاحيك وفضول الكلام وما لا ينبغي من كان وكان ونحو الغناء وتلعم الموسيقار وما أشبه ذلك وقيل : نزلت في النضر بن الحرث ةكان يتجر إلى فارس فيشتري كتب الأعاجم فيحدث بها قريشا ويقول : إن كان محمد يحدثكم بحديث عاد وثمود فأنا أحدثكم بأحديث رستم وبهرام والأكاسير وملوك الحيرة فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن . وقيل : كان يشتري المغنيات فلا يظفر بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول : أطعميه واسفيه وغنيه ويقول : هذا خير مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه وفي حديث النبي A : لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن ولا التجارة فيهن ولا أثمانهن وعنه A : ما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شطانين : أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت وقيل : الغناء مندة للمال مسخطة للرب مفسدة للقلب . فإن قلت : ما معنى إضافة اللهو إلى الحديث ؟ قلت : معناها التبيين وهي إضافة بمعنى من وأن يضاف الشئ إلى ما هو منه كقولك : صفة خز وباب ساج . والمعنى : من يشتري اللهو من الحديث ؛ لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره فبين بالحديث . والمراد بالحديث . الحديث النكر كما جاء في الحديث :