" بئايات الله " بدلائله على وحدانية وكتبه ومعجزاته ولقائه والبعث " يئسوا من رحمتي " وعيد أي ييأسوا بوم القيامة كقوله : " ويم تقوم الساعة يبلس المجرمون " الروم : 12 . أو هو وصف لحالهم ؛ لأن المؤمن إنما يكون راجيا خاشيا فأما الكافر فلا يخطر بباله رجاء ولا خوف . أو شبه حالهم في انتقاء الرحمة عنهم بحال من يئس من الرحمة . وعن قتادة رضى الله عنه : إن الله ذم قوما هانوا عليه فقال : " أولئك يئسوا من رحمتي " وقال : " إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " يوسف : 87 فينبعي للمؤمن أن يكون راجيا لله D خائفا .
" فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن ذلك لأيات لقوم يؤمنون " قرئ : جواب قومه بالنصب والرفع " قالوا " قال بعضهم لبعض . أو قاله واحد منهم وكان الباقون واضين فكانوا جميعا في حكم القائلين . وروى أنه لم ينتفع في ذلك اليوم بالنار نعنى : يوم ألقى إبراهيم في النار وذلك لذهاب حرها .
" وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين " قرئ على النصب بغير إضافة وإضافة وعلى الرفع كذلك فالنصب على وجهين : على التعليل أي لتتوادوا بينكم وتتواصوا لاجتماعكم على عبادتها واتفاقكم عليها وائتلافكم كما يتفق الناس على مذهب فيكون ذلك سبيب تحابهم وتصادقهم . وأن يكون مفعولا ثانيا كقوله " اتخذ إلهه هواه " الفرقان : 43 ، الجاثية : 23 أي اتخذتم الأوثان سبب المودة بينكم على تقدير حذف المضاف . أو اتخذتموها مودة بينكم بمعنى مورودة بينكم كقوله تعالى : " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونكم كحب الله " البقرة : 165 وفي الرفع وجهان : أن يكون خبرا لأن على أن ما موصولة . وأن يكون خبر مبتدأ محذوف . والمعنى : أن الأوثان مودة بينكم أي : مورودة أو سبب مودة وعن عاصم : مودة بينكم : بفتح بينكم مع الإضافة كما قرئ : " لقد تقطع بينكم " الأنعام : 94 ففتح وهو فاعل . وقرأ ابن مسعود رضى الله عنه : أوثانا إنما مودة بينكم في الحياة الدنيا أي : إنما تتوادون عليها أو تودونها في الحياة الدنيا " ثم يوم القيامة " يقوم بينكم التلاعن والتباغض والتعادي : يتلاعن العبدة . ويتلاعن العبدة والأصنام كقوله تعالى : " ويكونون عليهم ضدا " مريم : 82 .
" فئامن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم " كان لوط ابن أخت إبراهيم عليهما السلام وهو أول من أمن له حين رأى النار لم تحرقه " وقال " يعنى إبراهيم " إني مهاجر " من كوثى وهي من سواد الكوفة إلى حران ثم منها إلى فلسكتين ومن ثمة قالوا : لكل نبي هجرة وإبراهيم هجرتان وكان معه في هجرته : لوط وامرأته سارة وهاجر وهو ابن خمس وسبعين سنة " إلى ربي " إلى حيث أمرني بالهجرة إليه " إنه هو العزيز " الذي يمنعني من أعدائي " الحكيم " الذي لا يأمرني إلا بما هو مصلحتي .
" ووهبنا له إسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وءاتيناه أجره في الدنيا وإنه في الأخرة لمن الصالحين " " أجره " الثناء الحسن والصلاة عليه الدهر والذرية الطيبة والنبوة وأن أهل الملل كلهم يتولونه . فإن قلت : ما بال إسماعيل عليه السلام لم يذكر وذكر إسحق وعقبه ؟ قلت : قد دل عليه في قوله : " وجعلناه في ذريته النبوة والكتاب " وكفى الدليل لشهرة أمره وعلو قدره . فإن قلت : ما المراد بالكتاب ؟ قلت : قصد به جنس الكتاب حتى دخل تحته ما نزل على ذريته من الكتب الأربعة التي هي التوراة والزبور والإنجيل والقرآن ؟ " ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين قال رب انصرني على القوم المفسدين "