الخلفة من خلف كالركبة من ركب . وهي الحالة التي يخلف عليها الليل والنهار كل واحد منهما الآخر . والمعنى : جعلهما ذوي خلفة أي : ذوي عقبة أي يعقب هذا ذاك وذاك هذا . ويقال : الليل والنهار يختلفان كما يقال : يعتبان . ومنه قوله : " واختلاف الليل والنهار " البقرة : 164 ، آل عمران : 190 ، الجاثية : 5 ويقال : بفلان خلفه واختلاف . إذا اختلف كثيرا إى متبرزة . وقرئ : يذكر ويذكر . وعن أبي بن كعب Bه : يتذكر . والمعنى لينظر في اختلافهما الناظر فيعلم أن لا بد لانتقالهما من حال إلى حال وتغيرهما من ناقل ومغير . ويستدل بذلك على عظم قدرته ويشكر الشاكر على النعمة فيهما من السكون بالليل والتصرف بالنهار كما قال عز وعلا : " ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله " القصص : 73 أو ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين من فاته في أحدهما ورده من العبادة قام به في الآخر . وعن الحسن Bه : من فاته في أحدهما ورده من العبادة قام به في الآخر . وعن الحسن Bه : من فاته عمله م التذكر والشكر بالنهار كان له في الليل مستعتب . ومن فاته بالليل : كان له في النهار مستعتب .
: وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " " وعباد الرحمن " مبتدأ خبره في آخر السورة كأنه قيل : وعباد الرحمن الذين هذه صفاتهم أولئك يجزون الغرفة . ويجوز أن يكون خبره " الذين يمشون " وأضافهم إلى الرحمن تخصيصا وتفضيلا . وقرئ : وعباد الرحمن وقرئ : يمشون هونا حال أو صفة للمشي بمعنى : هينين . أو : مشيا هينا ؛ إلا أن في وضع المصدر موضع الصفة مبالغة . والهون : الرفق واللين . ومنه الحديث : أحبب حبيبك هونا ما وقوله : المؤمنون هينون لينون والمثل : إذا عز أخوك فهن . ومعناه : إذا عاسر فياسر . والمعنى : أنهم يمشون بسكينة ووقار وتواضع لا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطرا ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق ولقوله : " ويمشون في الأسواق " الفرقان : 20 . " سلاما " تسليما منكم لا نجاهلكم ومتاركة لا خير بيننا ولا شر أي نتسلم منكم تسليما فأقيم السلام مقام التسلم . وقيل : قالوا سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء والإثم . والمراد بالجهل : السفه وقلة الأدب وسوء الرعة من قوله : .
ألا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا .
وعن أبي العالية : نسختها آية القتال ولا حاجة إلى ذلك لأن الإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة وأسلم للعرض والورع .
" والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما " البيتوتة : خلاف الظلول وهو أن يدركك الليل نمت أو لم تنم وقالوا : من قرأ شيئا من القرآن في صلاته وإن قل فقد بات ساجدا وقائما . وقيل : هما الركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل أو بأكثره . يقال : فلان يظل صائما يبيت قائما .
" والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما " " غراما " هلاكا وخسرانا ملحا لازما قال : .
ويوم النسار ويم الجفا ... ركبانا عذابا وكانا غراما .
وقال : .
إن يعاقب يكن غراما وإن يع ... ط جزيلا فإنه لا يبالي .
ومنه : الغريم : لإلحاحه ولزامه . وصفهم بإحياء الليل ساجدين وقائمين ثم عقبه بذكر دعوتهم هذه إيذانا بأنهم مع اجتهادهم خائفون مبتهلون إلى الله تعالى في صرف العذاب عنهم كقوله تعالى : " والذين يؤتون ما آتوا قلوبهم وجلة " المؤمنون : 60 . " ساءت " في حكم بئست وفيها ضمير مبهم يفسره مستقرا والمخصوص بالذم محذوف ومعناه : ساءت مستقرا ومقاما هي . وهذا الضمير هو الذي ربط الجملة باسم إن وجعلها خبرا لها . ويجوز أن يكون " ساءت " بمعنى : أحزنت . وفيها ضمير اسم إن و " مستقرا " حال أو تمييز والتعليلان يصح أن يكونا متداخلين ومترادفين وأن يكونا من كلام الله وحكاية لقولهم .
" والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما "