أن رسول الله A دخل المسجد وصناديد قريش في الحطيم وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجلس إليهم فعرض له النضر بن الحرث فكلمه رسول الله A حتى أفحمه ثم تلا عليهم " إنكم وما تعبدون من دون الله " الآية فأقبل عبد الله بن الزبعرى فرآهم يتهامسون فقال : فيم خوضكم . فأخبره الوليد بن المغيرة بقول رسول الله A فقال عبد الله : أما والله لو وجدته لخصمته فدعوه . فقال ابن الزبعرى : أأنت قلت ذلك . قال : نعم . قال : قد خصمتك ورب الكعبة . أليس اليهود عبدوا عزيرا والنصارى عبدوا المسيح وبنو مليح عبدوا الملائكه ؟ فقال A : بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك . فأنزل الله تعالى : " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى " الأنبياء : 101 ، يعني عزيرا والمسيح والملائكة عليهم السلام . فإن قلت : لم قرنوا بآلهتهم ؟ قلت : لأنهم لا يزالون لمقارنتهم في زيادة غم وحسرة حيث أصابهم ما أصابهم بسببهم . والنظر إلى وجه العدو باب من العذاب ولأنهم قدروا أنهم يستشفعون بهم في الآخرة ويستشفعون بشفاعتهم فإذا صادفوا الأمر على عكس ما قدروا لم يكن شيء أبغض إليهم منهم . فإن قلت إذا عنيت بما تعبدون الأصنام فما معنى " لهم فيها زفير " ؟ قلت : إذا كانوا هم وأصنامهم في قرن واحد جاز أن يقال : لهم زفير وإن لم يكن الزافرين إلا هم عون الأصنام للتغليب ولعدم الإلباس . والحصب : المحصوب أي يحصب بهم في النار . والحصب : الرمي . وقرىء بسكون الصاد وصفا بالمصدر . وقرىء " حطب " و " حضب " بالضاد متحركا وساكنا وعن ابن مسعود : يجعلون في توابيت من نار فلا يسمعون . ويجوز أن يصمهم الله كما يعميهم .
إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خلدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقهم الملئكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون " .
" الحسنى " الخصلة المفضلة في الحسن تأنيث الأحسن : إما السعادة وإما البشرى بالثواب وإما التوفيق للطاعة يروى أن عليا Bه قرأ هذه الآية ثم قال : أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف ثم أقيمت الصلاة فقام يجر رداءه وهو يقول : " لا يسمعون حسيسها " والحسيس : الصوت يحس والشهوة : طلب النفس اللذة . وقرىء : " لا يحزنهم " من أحزن . و " الفزع الأكبر " قيل : النفخة الأخيرة لقوله تعالى : " يوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض " النمل : 87 ، وعن الحسن : الانصراف إلى النار . وعن الضحاك : حين يطبق على النار . وقيل : حين يذبح الموت على صورة كبش أملح " وتتلقاهم " أي تستقبلهم " الملئكة " مهنئين على أبواب الجنة . ويقولون : هذا وقت ثوابكم الذي وعدكم ربكم قد حل .
" يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فعلين "