الحيوة الدنيا إنا ءامنا بربنا ليغفر لنا خطينا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ومن يأته مؤمنا قد عمل الصلحت فأولئك لهم الرجت العلى جنت عدن تجري من تحتها الأنهر خلدين فيها وذلك جزاء من تزكى " .
" والذي فطرنا " عطف على ما جاءنا أو قسم . قرىء " تقضى هذه الحيوة الدنيا " ووجهها أن الحياة في القراءة المشهورة منتصبة على الظرف فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به كقولك في " صمت يوم الجمعة " : " صيم يوم الجمعة " وروي : أن السحرة - يعني رؤوسهم - كانوا اثنين وسبعين : الاثنان من القبط والسائر من بني إسرائيل وكان فرعون أكرههم على تعلم السحر . وروي : أنهم قالوا لفرعون : أرنا موسى نائما ففعل فوجدوه تحرسه عصاه فقالوا : ما هذا بسحر الساحرة لأن الساحر إذا نام بطل سحره فأبى إلا أن يعارضوه " تزكى " تطهر من أدناس الذنوب . وعن ابن عباس : قال لا إله إلا الله . قيل في هذه الآيات الثلاث : هي حكاية قولهم . وقيل : خبر من الله لا على وجه الحكاية .
" ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخف دركا ولا تخشى فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم وأضل فرعون قومه وما هدى " .
" فاضرت لهم طريقا " فاجعل لهم من قولهم : ضرب له في ماله سهما . وضرب اللبن : عمله . اليبس : مصدر وصف به . يقال : يبس يبسا ويبسا ونحوهما : العدم والعدم . ومن ثم وصف به المؤنث فقيل : شاتنا يبس وناقتنا يبس : إذا جف لبنها . وقرىء : " يبسا " و " يابسا " ولا يخلو اليبس من أن يكون مخففا عن اليبس . أو صفه على فعل . أو جمع يابس كصاحب وصحب وصف به الواحد تأكيدا كقوله : .
...... ومعي جياعا .
جعله لفرط جوعه كجماعة جياع " لا تخافا " حال من الضمير في " فاضرب " وقرىء " لا تخف " على الجواب . وقرأ أبو حيوة " دركا " بالسكون . والدرك والدرك : اسمان من الإدراك أي : لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك . في " ولا تخشى " إذا قرىء : " لا تخف " ثلاثة أوجه : أن يستأنف كأنه قيل وأنت لا تخشى أي : ومن شأنك أنك آمن لا تخشى وأن لا تكون الألف المنقلبة عن الياء هي لام الفعل ولكن زائدة للإطلاق من أجل الفاصلة كقوله : " فأضلونا السبيلا " الأحزاب : 67 ، " وتظنون بالله الظنونا " الأحزاب : 10 ، وأن يكون مثله قوله : .
كأن لم ترى قبلي أسيرا يما نيا .
" ما غشيهم " من باب الاختصار . ومن جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة أي : غشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله . وقرىء : " فغشاهم من اليم ما غشاهم " والتغشية : التغطية . وفاعل غشاهم : إما الله سبحانه . أو ما غشاهم . أو فرعون ؛ لأنه الذي ورط جنوده وتسبب لهلاكهم . وقوله : " وما هدى " تهكم به في قوله : " وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " غافر : 29 .
" يبني إسرءيل قد أنجينكم من عدوكم ووعدنكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبت ما رزقنكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى "