على مقاساة الشدائد حتى ينال عند الله الفوز والمقام المحمود . يجوز أن ينتصب إذ ظرفا للحديث لأنه حدث أو لمضمر أي : حين " رءا نارا " كان كيت وكيت . أو مفعولا ل " ذكر " استأذن موسى شعيبا عليهما السلام في الخروج إلى أمه وخرج بأهله فولد له في الطريق ابن في ليلة شاتية مظلمة مثلجة وقد ضل الطريق وتفرقت ماشيته ولا ماء عنده وقدح فصلد زنده فرأى النار عند ذلك . قيل : كانت ليلة جمعة " امكثوا " أقيموا في مكانكم . الإيناس : الإبصار البين الذي لا شبهة فيه ومنه إنسان العين لأنه يتبين به الشيء والإنس : لظهورهم كما قيل الجن لاستتارهم وقيل : هو إبصار ما يؤنس به . لما وجد منه الإيناس فكان مقطوعا متيقنا حققه لهم بكلمة إن ليوطن أنفسهم ولما كان الإتيان بالقبس ووجود الهدى مترقبين متوقعين بني الأمر فيهما على الرجاء والطمع وقال لعلي ولم يقطع فيقول : إني " ءاتيكم " لئلا يعد ما ليس بمستيقن الوفاء به . القبس النار المقتبسة في رأس عود أو فتيلة أو غيرهما . ومنه قيل : المقبسة لما يقتبس فيه من سعفة أو نحوها " هدى " أي قوما يهدونني الطريق أو ينفعونني بهداهم في أبواب الدين عن مجاهد وقتادة ؛ وذلك لأن أفكار الأبرار مغمورة بالهمة الدينية في جميع أحوالهم لا يشغلهم عنها شاغل . والمعنى : ذوي هدى . وإذا وجد الهداة فقد وجد الهدى . ومعني الاستعلاء في " على النار " أن أهل النار يستعملون المكان القريب منها كما قال سيبويه في مررت بزيد : أنه لصوق بمكان يقرب من زيد . أو لأن المصطلين بها والمستمتعين بها إذ تكنفوها قياما وقعودا كانوا مشرفين عليها ومنه قول الأعشى : .
وبات على النار الندى والمحلق .
" فلما آتها نودى يموسى إنى أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى " .
قرأ أبو عمرو وابن كثير أني بالفتح أي : نودي بأني " أنا ربك " وكسر الباقون أي : نودي فقيل يا موسى أو لأن النداء ضرب من القول فعومل معاملته . تكرير الضمير في " إني أنا ربك " لتوكيد الدلالة وتحقيق المعرفة وإماطة الشبهة . روي أنه لما نودي " يموسى " قال : من المتكلم ؟ فقال له الله D : " إني أنا ربك " وأن إبليس وسوس إليه فقال : لعلك تسمع كلام شيطان . فقال : أنا عرفت أنه كلام الله بأني أسمعه من جميع جهاتي الست وأسمعه بجميع أعضائي . وروي : أنه حين انتهى رأى شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها كأنها نار بيضاء تتقد . وسمع تسبيح الملائكة ورأى نورا عظيما فخاف وبهت فألقيت عليه السكينة ثم نودي وكانت الشجرة عوسجة وروي : كلما دنا أو بعد لم يختلف ما كان يسمع من الصوت . وعن ابن إسحاق : لما دنا استأخرت عنه فلما رأى ذلك رجع وأوجس في نفسه خيفة فلما أراد الرجعة دنت منه ثم كلم . قيل : أمر بخلع النعلين لأنهما كانتا من جلد حمار ميت غير مدبوغ عن السدي وقتادة . وقيل : ليباشر الوادي بقدميه متبركا به . وقيل : لأن الحفوة تواضع لله ومن ثم طاف السلف بالكعبة حافين ومنهم من استعظم دخول المسجد بنعليه وكان إذا ندر منه