تقادم العهد من أم الوليد بنا ... دهرا وصار أثاث البيت خرثيا .
قرىء على خمسة أوجه " رءيا " وهو المنظر والهيئة فعل بمعنى مفعول من رأيت " وريئا " على القلب كقولهم : راء في رأى " وريا " على قلب الهمزة ياء والإدغام أو من الرقي الذي هو النعمة والترفه من قولهم : ريان من النعيم . " وريا " على حذف الهمزة رأسا ووجهه أن يخفف المقلوب وهو " رئيا " بحذف همزته وإلقاء حركتها على الياء الساكنة قبلها " وزيا " واشتقاقه من الزقي وهو الجمع لأن الزي محاسن مجموعة والمعنى : أحسن من هؤلاء .
" قل من كان فى الضللة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا " .
أي مد له الرحمن يعني : أمهله وأملى له في العمر فأخرج على لفظ الأمر إيذانا بوجوب ذلك وأنه مفعول لا محالة كالمأمور به الممتثل لتقطع معاذير الضال ويقال له يوم القيامة " أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر " فاطر : 37 ، أو كقوله تعالى : " إنما نملي لهم ليزدادوا إثما " آل عمران : 178 ، أو " من كان فى الضللة فليمددد له الرحمن مدا " في معنى الدعاء بأن يمهله الله وينفس في مدة حياته . في هذه الآية وجهان أحدهما : أن تكون متصلة بالآية التي هي رابعتها والآيتان اعتراض بينهما أي قالوا : أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا . " حتى إذا رأوا ما يوعدون " أي لا يبرحون يقولون هذا القول ويتولعون به لا يتكافون عنه إلى أن يشاهدوا الموعود رأي عين " إما العذاب " في الدنيا وهو غلبة المسلمين عليهم وتعذيبهم إياهم قتلا وأسرا وإظهار الله دينه على الدين كله على أيديهم . وإما يوم القيامة وما ينالهم من الخزي والنكال فحينئذ يعلمون عند المعاينة أن الأمر على عكس ما قدروه وأنهم شر مكانا وأضعف جندا لا خير مقاما وأحسن نديا . وأن المؤمنين على خلاف صفتهم . والثاني : أن تتصل بما يليها . والمعنى : أن الذين في الضلالة ممدود لهم في ضلالتهم والخذلان لاصق بهم لعلم الله بهم وبأن الألطاف لا تنفع فيهم وليسوا من أهلها . والمراد بالضلالة : ما دعاهم من جهلهم وغلوهم في كفرهم إلى القول الذي قالوه . ولا ينفكون عن ضلالتهم إلى أن يعاينوا نصرة الله المؤمنين أو يشاهدوا الساعة ومقدماتها . فإن قلت : " حتى " هذه ما هي . قلت : هي التي تحكى بعدها الجمل ألا ترى الجملة الشرطية واقعة بعدها وهي قوله : " إذا رأوا ما يوعدون... فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا " في مقابلة " خير مقاما وأحسن نديا " لأن مقامهم هو مكانهم ومسكنهم . والندي : المجلس الجامع لوجوه قومهم وأعوانهم وأنصارهم . والجند : هم الأنصار والأعوان . " ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والبقيت الصلحت خير عند ربك ثوابا وخير مردا " .
" ويزيد " معطوف على موضع " فليمدد " لأنه واقع موقع الخبر تقديره : من كان في الضلالة مد أو يمد له الرحمن . ويزيد : أي يزيد في ضلال الضال بخذلانه ويزيد المهتدين هداية بتوفيقه " والبقيت الصلحت " أعمال الآخرة كلها . وقيل : الصلوات . وقيل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أي هي خير ثوابا من مفاخرات الكفار " وخير مردا " أي مرجعا وعاقبة أو منفعة من قولهم : ليس لهذا الأمر مرد : .
وهل يرد بكاي زتدا .
فإن قلت : كيف قيل خير ثوابا كان لمفاخراتهم ثوابا حتى يجعل ثواب الصالحات خيرا منه ؟ قلت : كأنه قيل : ثوابهم النار . على طريقة قوله : .
فاعتبوا بالصيلم .
وقوله : .
شجعاء جرتها الذميل تلوكه ... أصلا إذا راح المطي غراثا .
وقوله : .
تحية بينهم ضرب وجيع .
ثم بنى عليه خير ثوابا . وفيه ضرب من التهكم الذي هو أغيظ للمتهدد من أن يقال له : عقابك النار . فإن قلت : فما وجه التفضيل في الخير كأن لمفاخرهم شركا فيه . قلت : هذا من وجيز كلامهم يقولون : الصيف أحر من الشتاء أي : أبلغ في حره من الشتاء في برده