" ضل سعيهم " ضاع وبطل وهم الرهبان . وعن علي Bه كقوله : " عاملة ناصبة " الغاشية : 3 ، وعن مجاهد : أهل الكتاب . وعن علي Bه : أن ابن الكوا سأله عنهم ؟ فقال : منهم أهل حروراء . وعن أبي سعيد الخدري : يأتي ناس بأعمال يوم القيامة هي عندهم في العظم كجبال تهامة فإذا وزنوها لم تزن شيئا " فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " فنزدري بهم ولا يكون لهم عندنا وزن ومقدار . وقيل : لا يقام لهم ميزان لأن الميزان إنما يوضع لأهل الحسنات والسيئات من الموحدين . وقرئ : فلا يقيم بالياء . فإن قلت : الذين ضل سعيهم في أي محل هو ؟ قلت : الأوجه أن يكون في محل الرفع على : هم الذين ضل سعيهم ؟ لأنه جواب عن السؤال . ويجوز أن يكون نصبا على الذم أو جر على البدل " جهنم " عطف بيان لقوله : " جزاؤهم " .
" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا " .
الحول : التحول . يقال : حال من مكانه حولا كقولك : عادني حبها عودا يعني : لا مزيد عليها حتى تنازعهم أنفسهم إلى أجمع لأغراضهم وأمانيهم . وهذه غاية الوصف لأن الإنسان في الدنيا في أي نعيم كان فهو طامح الطرف إلى أرفع منه . ويجوز أن يراد نفي التحول وتأكيد الخلود .
" قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا " .
المداد : اسم ما تمد به الدواة من الحبر وما يمد به السراج من السليط . ويقال : السماد مداد الأرض . والمعنى : لو كتبت كلمات علم الله وحكمته وكان البحر مدادا لها والمراد بالبحر الجنس " لنفد البحر قبل أن تنفد " الكلمات " ولو جئنا " بمثل البحر مدادا لنفد أيضا . والكلمات غير نافدة . و " مدادا " تمييز كقولك : لي مثله رجلا . والمدد مثل المداد وهو ما يمد به . وعن ابن عباس Bه : بمثله مدادا . وقرأ الأعرج : مددا بكسر الميم جمع مدة وهي ما يستمده الكاتب فيكتب به . وقرئ : ينفدا بالياء . وقيل : قال حيي بن أخطب : في كتابكم " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " البقرة : 269 ، ثم تقرءون : " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " الإسراء : 185 فنزلت يعني : أن ذلك خير كثير ولكنه قطرة من بحر كلمات الله .
" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " .
" فمن كان يرجو لقاء ربه " فكن كان يؤمل حسن لقاء ربه وأن يلقاه لقاء رضا وقبول . وقد فسرنا اللقاء . أو : أفمن كان يخاف سوء لقائه . والمراد بالنهي عن الإشراك بالعبادة : أن لا يرائي بعمله وأن لا يبتغي به إلا وجه ربه خالصا لا يخلط به غيره . وقيل : نزلت في جندب بن زهير قال للنبي A : إني أعمل العمل لله فإذا اطلع عليه سرني فقال : " إن الله لا يقبل ما شورك فيه " .
وروي أنه قال : " لك أجران : أجر السر وأجر العلانية " وذلك إذا قصد أن يقتدى به . وعنه A : " اتقوا الشرك الأصغر " قالوا : وما الشرك الأصغر ؟ قال : " الرياء " وعن رسول الله A : " من قرأ سورة الكهف من آخرها كانت له نورا من قرنه إلى قدمه ومن قرأها كلها كانت له نورا من الأرض إلى السماء " وعنه A : " من قرأ عند مضجعه : " قل إنما أنا بشر مثلكم " كان له من مضجعه نورا يتلألأ إلى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم وإن كان مضجعه بمكة كان له نورا يتلألأ من مضجعه إلى البيت المعمور حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ " والله أعلم .
الجزء الثالث .
سورة مريم .
مكية وآياتها ثمان وتسعون .
بسم الله الرحمن الرحيم .
" كهيعص ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ ناداه ربه نداء خفيا "