كان أهل الجاهلية يأكلون هذه المحرمات : البهيمة التي تموت حتف أنفها والفصيد وهو الدم في المباعر يشوونها ويقولون : لم يحرم من فزد له " وما أهل لغير الله به " أي رفع الصوت به لغير الله وهو قولهم : باسم اللات والعزى عند ذبحه " والمنخنقة " التي خنقوها حتى ماتت أو انخنقت بسبب " والموقوذة " التي أثخنوها ضربا بعصا أو حجر حتى ماتت " والمتردية " التي تردت من جبل أو في بئر فماتت " والنطيحة " التي نطحتها أخرى فماتت النطح " وما أكل السبع " بعضه " إلا ما ذكيتم " إلا ما أدركتم ذكاته وهو يضطرب اضطراب المذبوح وتخشب أوداجه . وقرأ ابن عباس : وأكيل السبع " وما ذبح على النصب " كانت لهم حجارة منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويشرحون اللحم عليها ويعظمونها بذلك ويتقربون به إليها تسمى الأنصاب والنصب واحد . قال الأعشى : .
وذا النصب المنصوب لا تعبدنه ... لعاقبة والله ربك فاعبدا .
وقيل : هو جمع والوحد نصاب . وقرئ : النصب بسكون الصاد " وأن تستقسموا بالأزلام " وحرم عليكم الاستقسام بالأزلام أي بالقداح . كان أحدهم إذا أراد سفرا أو غزوا أو تجارة أو نكاحا أو أمرا من معاظم الأمور ضرب بالقداح وهي مكتوب على بعضها : نهاني ربي وعلى بعضها : أمرني ربي وبعضها غفل ؛ فإن خرج الآمر مضى لطيته وإن خرج الناهي أمسك وإن خرج الغفل أجالها عودا . فمعنى الاستقسام بالأزلام : طلب معرفة ما قسم له مما لم يقسم له بالأزلام . وقيل : هو الميسر . وقسمتهم الجزور على الأنصباء المعلومة " ذلكم فسق " الإشارة إلى الاستقسام : أو إلى تناول ما حرم عليهم ؛ لأن المعنى حرم عليكم تناول الميتة وكذا وكذا . فإن قلت : لم كان استقسام المسافر وغيره بالأزلام لتعرف الحال فسقا ؟ قلت : لأنه دخول في علم الغيب الذي استأثر به علام الغيوم وقال : " لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله " النمل : 65 ، واعتقاد أن إليه طريقا وإلى استنباطه وقوله : أمرني ربي ونهاني ربي : افتراء على الله . وما يدريه أنه أمره أو نهاه . والكهنة والمنجمون بهذه المثابة . وإن كانأراد بالرب الصنم - فقد روي أنهم كانوا يجيلونها عند أصنامهم - فأمره ظاهر " اليوم " لم يرد به يوما بعينه وإنما أراد به الزمان الحاضر وما يتصل به ويدانيه من الأزمنة الماضية والآتية كقولك : كنت بالأمس شابا وأنت اليوم أشيب فلا تريد بالأمس اليوم الذي قبل يومك ولا باليوم يومك . ونحوه الآن في قوله : .
الآن لما ابيض مسربتي ... وعضضت من نابي على جذم