" فبظلم من الذين هادوا " فبأي ظلم منهم . والمعنى ما حرمنا عليهم الطيبات إلا لظلم عظيم ارتكبوه . وهو ما عدد لهم من الكفر والكبائر العظيمة . والطيبات التي حرمت عليهم : ما ذكره في قوله : " وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر " الأنعام : 146 ، وحرمت عليهم الألبان وكلما أذنبوا ذنبا صغيرا أو كبيرا حرم عليهم بعض الطيبات في المطاعم وغيرها " وبصدهم عن سبيل الله كثيرا " ناسا كثيرا أو صدا كثيرا " بالباطل " بالرشوة التي كانوا يأخذونها من سفلتهم في تحريف الكتاب " لكن الراسخون " يريد من آمن منهم كعبد الله بن سلام وأضرابه والراسخون في العلم الثابتون فيه المتقنون المستبصرون " والمؤمنون " يعني المؤمنين منهم أو المؤمنون من المهاجرين والأنصار . وارتفع الراسخون على الابتداء .
و " يؤمنون " خبره . " والمقيمين " نصب على المدح لبيان فضل الصلاة وهو باب واسع . وقد كسره سيبويه على أمثلة وشواهد . ولا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنا في خط المصحف . وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب ولم يعرف مذاهب العرب وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتتان وغبي عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام وذب المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدها من بعدهم وخرقا يرفوه من يلحق بهم . وقيل : هو عطف على " بما أنزل إليك " أي يؤمنون بالكتاب وبالمقيمين الصلاة وهم الأنبياء . وفي مصحف عبد الله : والمقيمون بالواو . وهي قراءة مالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي .
" إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا "