" ألا تعولوا : أن لا تجوروا " والذي يحكى عن الشافعي C أنه فسر أن لا تعولوا أن لا تكثر عيالكم . فوجهه أن يجعل من قولك : عال الرجل عياله يعولهم كقولهم : مانهم يمونهم إذا أنفق عليهم لأن من كثر عياله لزمه أن يعولهم وفي ذلك ما يصعب عليه المحافظة على حدود الورع وكسب الحلال والرزق الطيب . وكلام مثله من أعلام العلم وأئمة الشرع ورؤوس المجتهدين حقيقي بالحمل على الصحة والسداد وأن لا يظن به تحريف تعيلوا إلى تعولوا فقد روي عن عمر بن الخطاب Bه : لا تظنن بكلمة خرجت من في أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا . وكفى بكتابنا المترجم بكتاب شافي العي من كلام الشافعي شاهدا بأنه كان أعلى كعبا وأطول باعا في علم كلام العرب من أن يخفى عليه مثل هذا ولكن للعلماء طرقا وأساليب . فسلك في تفسير هذه الكلمة طريقة الكنايات . فإن قلت : كيف يقال عيال من تسرى وفي السراري نحو ما في المهائر ؟ قلت : ليس كذلك لأن الغرض بالتزوج التوالد والتناسل بخلاف التسري ولذلك جاز العزل عن السراري بغير إذنهن فكان التسري مظنة لقلة الولد بالإضافة إلى التزوج كتزوج الواحدة بالإضافة إلى تزوج الأربع . وقرأ طاوس : أن لا تعيلوا من أعال الرجل إذا كثر عياله . وهذه القراءة تعضد تفسير الشافعي C من حيث المعنى الذي قصده .
" وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " " صدقاتهن " مهورهن وفي حديث شريح : قضى ابن عباس لها بالصدقة . وقرئ : صدقاتهن بفتح الصاد وسكون الدال على تخفيف صدقاتهن . و صدقاتهن بم الصاد وسكون الدال جمع صدقة بوزن غرفة . وقرئ : صدقتهن بضم الصاد والدال على التوحيد وهو تثقيل صدقة كقولك في ظلمة : ظلمة . " نحلة " من نحله كذا إذا أعطاه إياه ووهبه له عن طيبة من نفسه نحلة ونحلا . ومنه حديث أبي بكر Bه : إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا بالعالية . وانتصابها على المصدر لأن النحلة والإيتاء بمعنى الإعطاء فكأنه قيل : وانحلوا النساء صدقاتهن نحلة أي أعطوهن مهورهن عن طيبة أنفسكم أو على الحال من المخاطبين أي آتوهن صدقاتهن ناحلين طيبي النفوس بالإعطاء أو من الصدقات أي منحولة معطاة عن طيبة الأنفس . وقيل : نحلة من الله عطية من عنده وتفضلا منه عليهن وقيل : النحلة الملة ونحلة الإسلام خير النحل . وفلان ينتحل كذا : أي يدين به . والمعنى : آتوهن مهورهن ديانة على أنها مفعول لها . ويجوز أن يكون حالا من الصدقات أي دينا من الله شرعه وفرضه . والخطاب للأزواج . وقيل : للأولياء لأنهم كانوا يأخذون مهور بناتهم وكانوا يقولون : هنيئا لك النافجة لمن تولد له بنت يعنون : تأخذ مهرها فتنفج به مالك أي تعظمه . الضمير في منه جار مجرى اسم الإشارة كأنه قيل عن شيء من ذلك كما قال الله تعالى : " قل أؤنبئكم بخير من ذلكم " آل عمران : 15 ، بعد ذكر الشهوات ومن الحجج المسموعة من أفواه العرب ما روى عن رؤبة أنه قيل له في قوله : .
كأنه في الجلد توليع البهق