قال رجل : يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك ؟ قال : لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله " والحكم " والحكمة وهي السنة " ولكن كونوا ربانيين " ولكن يقول كونوا . والرباني : منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون ؛ كما يقال : رقباني ولحياني وهو الشديد التمسك بدين الله وطاعته . وعن محمد ابن الحنفية : أنه قال حين مات ابن عباس : اليوم مات رباني هذه الأمة . وعن الحسن : ربانيين علماء فقهاء . وقيل : علماء معلمين . وكانوا يقولون : الشارع الرباني : العالم العامل المعلم " بما كنتم " بسبب كونكم عالمين وبسبب كونكم دارسين للعلم أوجب أن تكون الربانية التي هي قوة التمسك بطاعة الله مسببة عن العلم والدراسة وكفى به دليلا على خيبة سعي من جهد نفسه وكد روحه في جمع العلم ثم لم يجعله ذريعة إلى العمل فكان مثله مثل من غرس شجرة حسناء تونقه بمنظرها ولا تنفعه بثمرها : وقرئ تعلمون من التعليم . وتعلمون من التعلم " تدرسون " تقرؤن . وقرئ تدرسون من التدريس . وتدرسون على أن أدرس بمعنى درس كأكرم وكرم وأنزل ونزل . وتدرسون من التدرس . ويجوز أن يكون معناه ومعنى تدرسون بالتخفيف : تدرسون من التدريس . وفيه أن من علم ودرس العلم ولم يعمل به فليس من الله في شيء وأن السبب بينه وبين ربه منقطع حيث لم يثبت النسبة إليه إلا للمتمسكين بطاعته . وقرئ ولا يأمركم بالنصب عطفا على " ثم يقول " وفيه وجهان أحدهما أن تجعل لا مزيدة لتأكيد معنى النفي في قوله : " ما كان لبشر " والمعنى : ما كان لبشر أن يستنبئه الله وينصبه للدعاء إلى اختصاص الله بالعبادة وترك الأنداد ثم يأمر الناس بأن يكونوا عبادا له ويأمركم " أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا " كما تقول : ما كان لزيد أن أكرمه ثم يهينني ولا يستخف بي . والثاني أن تجعل لا غير مزيدة . والمعنى : أن رسول الله A كان ينهى قريشا عن عبادة الملائكة واليهود والنصارى عن عبادة عزير والمسيح . فلما قالوا له : أنتخذك ربا ؟ قيل لهم : ما كان لبشر أن يستنبئه الله ثم يأمر الناس بعبادته وينهاكم عن عبادة الملائكة والأنبياء . والقراءة بالرفع على ابتداء الكلام أظهر وتنصرها قراءة عبد الله ولن يأمركم . والضمير في " ولا يأمركم " و " أيأمركم " لبشر . وقيل لله والهمزة في أيأمركم للإنكار " بعد إذ أنتم مسلمون " دليل على أن المخاطبين كانوا مسلمين وهم الذين أستأذنوه أن يسجدوا له .
" وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون "