" ألم تجعل له عينين " يبصر بهما المرئيات " ولسانا " يترجم به عن ضمائره " وشفتين " يطبقهما على فيه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب والنفخ وغير ذلك " وهديناه النجدين " أي : طريقي الخبر والشر . وقيل : الشديين " فلا أقتحم العقبة " يعني : فلم يشكر تلك الأيادي والنعم بالأعمال الصالحة : من تلك الرقاب وإطهعام اليتامى والمساكين ثم بالإيمان الذي هو أصل كل طاعة وأساس كل خير ؛ بل غمط النعم وكفر بالمنعم . والمعنى : ان الإتفاق على هذا الوجه هو الإتفاق المرضي النافع عند الله لا أن يهلك مالا لبدا في الرياء والفخار فيكون مثله " كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم... " آل عرمان : 117 الآية . فإن قلت : قلما تقع لا الداخلة على الماضي إلا مكرره ونحو قوله : .
فأي أمر سيئ لا فعله .
لا يكاد يقع فما لها لم تكرر في الكلام الأفصح ؟ قلت : هي متكررة في المعنى ؛ لأن معنى " فلا أقتحم العقبة " فلا فك رقبة ولا أطعم مسكينا . ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك . وقال الزجاج قوله : ثم كان من الذين أمنوا يدل على معنى : " فلا اقتاحم العقبة " ولا آمن . والاقتحام : الدخول والمجاوزة بشدة ومشقة . والقحمة : الشدة وجعل الصالحة : عقبة وعملها : اقتحاما لها لما في ذلك من معاناة المشقة ومجاهدة النفس . وعن الحسن : عقبة والله شديدة . مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوه الشيطان . وفك الرقبة : تخليصها من رق أو غيره . وفي الحديث : أن رجلا قال لرسول الله A : دلني على عخمل يدخلني الحنة . فقال : تعتق النسمةوتفك الرقبة . قال : أو ليسا سواء ؟ قال : لا إعتاقها أن تنفرد بعتقها . وفكها : ان تعين في تخليصها . من قود أو غرم . والعتق والصدقة : من أفاضل الأعمال . وعن أبي حنيفة Bه : أن العتق أفضل من الصدقة . وعند صاحبيه : الصدقة أفضل والآية أدل على قول أبي حنيفة لتقديم العتق على الصدقة وعن الشعبي في رجل عنده فضل نفقة : أيضعه في ذي قرابة أو يعتق رقبة ؟ قال : الرقبة أفضل لأن النبي A قال : من فك رقبة فك الل بكل عضو منها عضوا منه من النار . قرئ : قلك رقبة أو إطعام على : هي فك رقبة أو إطعام . وقرئ : فك رقبة أو أطعم على الإبدال من اقتحم العقبة . وقوله : " وما أدراك ما العقبة " اعتراض ومعناهه : أنك لم تدركنه صعوبتها على النفس وكنه ثثوابها عند الل . والمسغبة والمقربة والمتربة : مفعلات من سغب : إذا جاع . وقرب في النسب يقال : فلان ذو قرابتي . وذو مقربتي . وترب : إذا افتقر ومعناه . التصق بالتراب . وأما أترب فاتسغنى أي : صار ذا مال كالتراب في الكثرة كما قيل : أثري .
وعن النبي A في قوله : " ذا متربة " الذي مأواه المزابل ووصف اليوم بذي مسغبة نحو ما يقول النحويون في قولهم : هم ناصب : ذو نصب . وقرأ الحسن ذا مسغبة نصبه بإطعام . ومعناه : أو إطعام في يوم من الأيام ذا مسغبة .
" ثم كان من الذين أمنوا وتواصلوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولآئك أصحاب الميمنة والذين كفروا بئاياتنا هم أصحاب المشئمة عليهم نار موصده " ثم كان من الذين أمنوا " جاء بثم لتراخي الإيمان وتباعده في الرتبة والفضيلة عن العتق والصدقة لا في الوقت ؛ لأن الإيمان هو اسابق المقدم على غيره ولا يثبت علم صالح إلا به . والمرحمة : الرحمة أي : أوصى بعضهم بعضا بالصبر على الإيمان والثبات عليه . أو بالصبر عن المعاصي وعلى الطاعات والمحن التي يبتلى بها المؤمن وبأن يكونوا متراحمين متعاطفين . او بما يؤدي إلى رحمة الله . الميمنة والمشأمة : اليمين والشمال . أو اليمن والشؤم أي : الميامين على أنفسهم والمشائيم عليهن . قرئ : موصدة بالوا والهمزة من وصدت الباب وآصت الباب وآصدته : إذا أطبقته وأغلقته . وعن أبي بكر بن عياش : لنا أمام يهمز مؤصدة ؛ فاشتهر أن أسد أذني إذا سمعنه .
عن رسول الله A : من قرأ لا أقسم بهذا البلد أعطاه الله الأمان من غضبه يوم القيامة .
سورة الشمس .
مكية وآياتها خمس عشرة .
بسم الله الرحمان الرحيم والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها واليل إذا بغشاها والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها "