" كلا " ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم . ثم أتى بالوعيد وذكر تحسرهم على ما فرطوا فيه حين لا تنفع الحسرة ؛ ويومئذ بدل من " إذا دكت الأرض " وعامل النصب فيهما يتذكر " دكا دكا " دكا بعد دك . كقوله : حسبته بابا بابا أي : كرر عليها الدك حتى عادت هباء منبثا . فإن قلت : ما معنى إسناد المجيء إلى الله والحركة والإنتقال إنما يجوزان على من كان في حهة قلت : هو تمثيل لظهور آيات اقتداره وتبين آثار قهره وسلطانه : مثلت حاله في ذلك بحال الملك إذا حضر بنفسه ظهر بحضوره من آثار الهبية والسياسة ما لا يظهر بحضوره عساكره كلها ووزرائه وخواصه عن بكرة أبيهم " صفاصفا " ينزل ملائكة كل سماء فيصطفون صفابعد صف محدقين بالجن والأنس " وجاىء يومئذ بجهنم " كقوله : " وبرزت الجحيم " النازعات : 36 وروي : أنها لما نزلت تغير وجه رسول الله A وعرف في وجهه حتى اشتد على أصحابه فأخبروا عليا Bه فجاء فاحتضنه من خلفه وفبله بين علتقيه ؛ ثم قال : يا نبي الله بأبي أنت وأمي ما الذي حدث اليوم وما الذي غيرك ؟ فتلا عليه الآية . فقال علي له : كيف يجاء بها ؟ قال : يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع . أي يتذكر ما فرط فيه أو يتعظ " وأنى له الذكرى " ومن أين له منفعة الذكرى ؟ لا بد من تقدير حذف المضاف وإلا فبين : يوم يتذكر وبين " وأنى له الذكرى " تناف وتناقض " قدمت لحياتي " هذه وهي حياة الآخرة أو وقت حياتي في الدنيا كقولك : جئته لعشر ليال خلون من رجب ؛ وهذا أبين دليل على أن الإختيار كان في أيديهم ومعلقا بقصدهم وإرادتهم وأنهم لم يكونوا محجوبين عن الطاعات مجبرين على المعاصي كمذهب أهل الأهواء والبدع وإلا فما معنى التحسر ؟ قرىء : بالفتح يعذب ويوثق وهي قراءة رسول الله A . وعن أبي عمرو أنه رجع إليها في آخر عمره . والضمير للإنسان الموصوف . وقيل : هو أبي بن خلف أي : لا يعذب أحد مثل عذابه ولا يوثق بالسلاسل والأغلال مثل وثاقه ؛ لتناهيه في كفره وعناده أو لا يحمل عذاب الإنسان أحد كقوله : " ولا تزر وازرة وزر أخرى " الإسراء : 15 وقرىء بالكسر والضمير لله تعالى أي : لا يتولى عذاب الله أحد ؛ لأن الأمر لله وحده في ذلك اليوم . أو للإنسان أي : لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه .
" يأتيها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي " " يأتيها النفس " على إرادة القول أي : يقول الله للمؤون : " يأتيها النفس " إما أن يكلمه إكراماله كما كلم موسى صلوات الله عليه أو على لسان ملك . و " المطمئنة " الآمنة التي يستفزها خوف ولا حزن وهي النفس المؤمنة أو المطمئنة إلى الحق التي سكنها ثلج اليقين فلا يخالجها شك ويشهد للتفسير الأول قراءة أبي بن كعب : يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة فإن قلت : متى يقال لها ذلك ؟ قلت : إما عند الموت . وإما عبد البعث وإما عند دخول الجنة . على معنى : راجعي إلى موعد ربك " راضية " بما أوتيت " مرضية " عند الله " فأدخلى في عبادي " في جملة ععبادي الصالحين وانتظمي في لكهم " واخلى جنتي " معهم وقيل : النفس الروح . ومعناه : فادخلي في أجساد عبادي . وقرأ ابن عباس : فادخلي في عبدي وقرأ ابن مسعود : في جسد عبدي وقرأ أبي : ائتي ربك راضية مرضية اخلي في عيدي وقيل : نزلت في حمزة بن عبد الملطلب . وقيل : في خبيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة وجعلوا وجهه إلى المدينة فقال : اللهم إن كان لي عندك خير فحول وجهي نحو قبلتك فحول الله وجهه نحوها فلم يستطع أحد أن يحوله والظاهر العموم .
عن رسول الله A : من قرأ سورة الفجر في الليالي العشر غفر له ومن قرأها في سائر الأيام كانت له نورا يوم القايمة .
سورة البلد .
مكية وآياتها عشرون .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" أقسم بهاذا البلد وأنت حل بهذا البلد ووالد وما ولد لقد خلقنا الإنسان في كبد أيحسب أن لن يقدر عليه أحد يقول أهلكت مالا لبدا أيحسب أن لم يره أحد "