لما نزلت : فسبح باسم ربك العظيم قال رسول الله A : اجعلوها في ركوعكم فلما نزل سبح اسم ربك العلى قال : اجعلوها في سجودكم وكانوا يقولون في الركوع : اللهم لك ركعت وفي السجود : اللهم لك سجدت " خلق فسوى " أي خلق كل شيء فسوى خلقه تسوية ولم يأت به متفاوتا غير ملتئم ولكن على إحكام واتساق ودلالة على أنه صدر عن عالم وأنه صنعة حكيم " قدر فهدى " قدر لكل جيوان ما يصلحه فهداه إليه وعرفه وجه الانتفاع به يحكى أن الأفعى إذا أتت عليها ألف سنة عميت ولقد ألهمها الله أن مسح العين بورق الرازيانج الغض يرد إليها بصرها فربما كانت في برية بينها وبين الريف مسيرة أيام فتطوى تلك المسافة على طولها وعلى عماها حتى تهجم في بعض البساتين على شجرة الرازيانج لا تخطئها فتحك بها عينيها وترجع باصرة بإذن الله وهدايات الله للإنسان إلى ما لا يحد من مصالحه وما لا يحصر من حوائجه في أغذيته وأدويته وفي أبواب دنياه ودينه وإلهامات البهائم والطيور وهوام الأرض : باب واسع وشوط بطين لا يحيط به وصف واصف ؛ فسبحان ربي الأعلى . قرئ : قدر بالتخفيف " أحوى " صفة لغثاء أي " أخرج المرعى " أنتبه " فجعله " بعد خضرته ورفيفة " غثاء أحوى " دربنا أسود . ويجوز أن يكون " أحوى " حالا من المرعى أي : أخرجه أحوى أسود من شدة الخضرة والري فجعله غثاء بعد حويه .
" سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى " بشره الله بإعطاء آية بينة وهي : أن يقرأ عليه جبريل ما يقرأ عليه من الوحي وهو أمي لا يكتب ولا يقرأ فيحفظه ولا ينساه " إلا ما شاء الله " فذهب به عن حفظه برفع حكمه وتلاوته كقوله : " أو ننسها " البقرة : 106 وقيل : كان يعجل بالقراءة إذا لقنه جبريل فقيل : لا تعجل فإن جبريل مأمور بأن يقرأه عليك قراءة مكررة إلى أن تحفظه ؛ ثم لا تنساه إلا ما شاء الله ثم تذكره بعد النسيان . أو قال : إلا ما شاء الله يعني : القلة والندرة كما روي .
أنه أسقط آية في قراءته في الصلاة فحسب أبي أنها نسخت فسأله فقال : نسيتها أو قال : إلا ما شاء الله : والغرض نفي النسيان رأسا كما يقول الرجل لصاحبه أنت سهيمي فيما املك إلا فيما شاء الله ولا يقصد استثناء شيء وهو من استعمال القلة في معنى النفي . وقيل قوله : " فلا تنسى " على النهي والألف مزيدة للفاصلة كقوله : " السبيلا " الأحزاب : 67 ، يعني : فلا تغفل قراءته وتكريره فتنساه إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته للمصلحة " إنه يعلم الجهر " يعني أنك تجهر بالقراءة مع قراءة جبريل عليه السلام مخافة التفلت والله يعلم جهرك معه وما في نفسك مما يدعوك إلى الجهر فلا تفعل فأنا أكفيك ما تخافه . أو يعلم ما أسررتم وما أعلنتم من أقوالكم وأفعالكم وما ظهر وبطن من أحوالكم وما هو مصلحة لكم في دينكم ومفسدة فيه فينسى من الوحي ما يشاء ؛ ويترك محفوظا ما يشاء .
" ونيسرك لليسرى فذكر إن نفعت الذكرى سيذكر من يخشى ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى "