ولا يصح أمشاج أن يكون تكسيرا له بل هما مثلان في الإفراد لوصف المفرد بهما . ومشجه ومزجه : بمعنى . والمعنى من نطقة قد امتزج فيها الماءان . وعن ابن مسعو : هي عروق النطقة . وعن قتادة : أمشاج ألوان وأطوار يريد : انها تكون نطفة ثم علقة ثم مضغة " نبتليه " في موضع الحال أي : خلقناه مبتلين له بمعنى : مريدينابتلاءه كقولك : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا تريد : قاصدا به الصيد غدا . ويجوز أن يراد : ناقلين له من حال إلى حال فسمي ذلك ابتلاء على طريق الاستعارة . وعن ابن عباس : نصرفه في بطن أمه نطفة ثم علقة . وقيل : هو في تقدير التأخير يعني : فجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه وهو من التعسف .
" إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " شاكرا وكفورا : حالان من الهاء في هديناه أي : مكناه وأقدرناه في حالتيه جميعا . أو دعوناه إلى الإسلام بأدلة العقل السمع كان معلوما منه أنه يؤمن أو يكفر لإلزام الحجة . ويجوز أن يكونا حالين من السبيل أي : عرفناه السبيل إما سبيلا شاكرا وإما سبيلا كفورا كقوله : " وهديناه النجدين " البلد : 10 ووصف السبيل بالشكروالكفر مجاز . وقرأ أبو السمال بفتح الهمزة في أما وهي قراءة حسنة والمعنى : أما شاكرا فبتوفيقنا وأما كفورا فبسوء اختياره .
" إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا " ولما ذكر الفريقين أتبعهما الوعيد والوعد . وقرئ سلاسل غير منون . ولاسلا بالتنوين . وفيه وجهان : أحدهما أن تكون هذه النون بدلا من حرف الإطلاق ويجري الوصل مجرى الوقف . والثاني : أن يكون صاحب القراءة به ممن ضري برواية الشعر ومرن لسانه على صرف غير المنصرف .
" إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا بوفون بالنذر وخافون يوما كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطيرا "