هم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة آخرين فيكونون ثمانية وروي : ثمانية أملاك : أرجلهم في تخوم الأرض السابعة والعرش فوق رؤوسهم وهم مطرقون مسبحون . وقيل : بعضهم على صورة الإنسان وبعضهم على صورة الأسد وبعضهم على صورة الثور وبعضهم على صورة النسر . وروي : ثمانية أملاك في خلق الأوعال ما بين أظلافها إلى ركبها : مسيرة سبعين عاما . وعن شهر بن حوشب : أربعة منهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك ؛ وأربعة يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك . وعن الحسن : الله أعلم كم هم أثمانية أم ثمانية آلاف ؟ وعن الضحاك : ثمانية صفوف لا يعلم عددهم إلا الله . ويجوز أن تكون الثمانية من الروح أو من خلق آخر فهو القادر على كل خلق " سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون " يس : 36 . العرض : عبارة عن المحاسبة والمساءلة . شبه ذلك بعرض السلطان العسكر لتعرف أحواله . وروى أن في يوم القيامة ثلاث عرضات . فأما عرضتان فاعتذار واحتجاج وتوبيخ وأما الثالثة ففيها تنشر الكتب فيأخذ الفائز كتابه بيمينه والهالك كتابه بشماله " خافية " سريرة وحال كانت تخفى في الدنيا بستر الله عليكم .
" فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أنى ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية في جنة هالية قطوفها دانية كلوا واشبوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية " " فأما " تفصيل للعرض : هاء : صوت يصوت به فيفهم منه معنى خذ كأف وحس وما أشبه ذلك . و " كتابيه " منصوب بهاؤم عند الكوفيين وعند البصريين باقرؤا لأنه أقرب العاملين . وأصله : هاؤم كتابي اقرؤا كتابي فحذف الأول لدلالة الثاني عليه .
ونظيره " آتوني أفرغ عليه قطرا " الكهف : 96 ، قالوا : ولو كان العامل الأول لقيل : اقرؤه وأفرغه والهاء في " كتابيه " للسكت وكذلك في " حسابية " و " مالية " و " سلطانيه " وحق هذه الهاءات أن تثبت في الوقف وتسقط في الوصل وقد استحب إيثار الوقف إيثارا لثباتها في المصحف . وقيل : لا بأس بالوصل والإسقاط . وقرأ ابن محيصن بإسكان الياء بغيرهاء . وقرأ جماعة بإثبات الهاء في الوصل والوقف جميعا لا تباع المصحف " ظننت " علمت . وإنما أجري الظن مجرى العلم لأن الظن الغالب يقام مقام العلم في العادات والأحكام . ويقال : أظن ظنا كاليقين أن الأمر كيت وكيت " راضية " منسوبة إلى الرضا ؛ كالدارع والنابل . والنسبة نسبتان : نسبة بالحرف ونسبة بالحرف ونسبة بالصيغة . أو جعل الفعل لها مجازا وهو لصاحبها " عالية " مرتفعة المكان في السماء . أو رفيعة الدرجات . أو رفيعة المباني والقصور والأشجار " دانية " ينالها القاعد والنائم . يقال لهم " كلوا واشربوا هنيئا " أكلا وشرابا هنيئا . أو هنيتم هنيئا على المصدر " بما أسلفتم " بما قدمتم من الأعمال الصالحة " في الايام الخالية " الماضية من أيام الدنيا . وعن مجاهد : أيام الصيام أي : كلوا واشربوا بدل ما أمسكتم عن الأكل والشرب لوجه الله . وروي يقول الله D : يا أوليائي طالما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة ؛ وغارت أعينكم وخمصت بطونكم فكونوا اليوم في نعيمكم وكلوا وأشربوا هنيئا بما اسلفتم في الأيام الخالية .
" وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عنى مالية هلك عنى سلطانيه " الضمير في " ياليتها " للموتة : يقول : يا ليت الموتة التي منها " كانت القاضية " أي القاطعة لأمري فلم أبعث بعدها ؛ ولم ما ألقى . أو للحالة أي : ليت هذه الحالة كانت الموتة التي قضت علي لأنه رأى تلك الحالة أبشع وأمر مما ذاقه من مرارة الموت وشدته ؛ فتمناه عندها " ما أغنى " نفي أو استفهام على وجه الإنكار أي : أي شيء أغنى عني ما كان لي من اليسار " هلك عنى سلطانيه " ملكي وتسلطي على الناس وبقيتفقيرا ذليلا . وعن عبن عباس : انها نزلت في الأسود بن عبد الأشد . وعن فناخسرو الملقب بالعضد أنه لما قال : .
عضد الدولة وابن ركنها ... ملك الأملاك غلاب القدر .
لم يفلح بعده وجن فكان لا ينطق لسانه إلا بهذه الآية . وقال ابن عباس : ضلت عني حجتي . ومعناه : بطلت حجتي التي كنت أحتج بها في الدنيا