قرئ : ن والقلم بالبيان والإدغام وبسكون النون وفتحها وكسرها كما في ص . والمراد هذا الحرف من حروف المعجم : وأما قولهم : هو الدواة فما أدري أهو وضع لغوي أم شرعي ؟ ولا يخلو إذا كان اسما للدواة من ان يكون جنسا أو علما فإن كان جنسا فأين الإعراب والتنوين وغن كان علما فأين الإعراب وأيهما كان فلا بد له من موقع في تأليف الكلام . فإن قلت : هو مقسم به وجب إن كان جنسا أن تجره وتنونه ويكون القسم بدواة منكرة مجهولة كأنه قيل : ودواة والقلم وإن كان علما أن تصرفه وتجره أو لا تصرفه وتفتحه للعلمية والتأنيث وكذلك التفسير بالحوت : إما أن يراد نون من النينان أو يجعل علما للبهموت الذي يزعمون والتفسير باللوح من نور أو ذهب والنهر في الجنة نحو ذلك وأقسم بالقلم : تعظيما له لما في خلقه وتسويته من الدلالة على الحكمة العظيمة ولما فيه من المنافع والفوائد التي لا يحيط بها الوصف " وما يسطرون " وما يكتب من كتب وقيل ما يسطره الحفظة وما موصولة أو مصدرية ويجوز أن يراد بالقلم أصحابه فيكون الضمير في " يسطرون " لهم كأنه قيل : وأصحاب القلم ومسطوراتهم . أو وسطرهم ويراد بهم كل ما يسطر أو الحفظة .
" ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون " فإن قلت : بم يتعلق الباء في " بنعمة ربك " وما محله ؟ قلت : يتعلق بمجنون منفيا كما يتعلق بعاقل مثبتا في قولك : أنت بنعمة الله عاقل مستويا في ذلك الإثبات والنفي استواءهما في قولك : ضرب زيد عمرا وما ضرب زيد عمرا : تعمل الفعل مثبتا ومنفيا إعمالا واحدا ؛ ومحله النصب على الحال كأنه قال : ما أنت بمجنون منعما عليك بذلك ؛ ولم تمنع الباء أن يعمل مجنون فيما قبله لأنها زائدة لتأكيد النفي . والمعنى ؛ استبعاد ما كان ينسبه إليه كفار مكة عداوة وحسدا وأنه من إنعام الله عليه بحصافة اعقل والشهامة التي يقتضيها التأهيل للنبوة بمنزلة " وإن لك " على احتمال ذلك وإساغة الغصة فيه والصبر عليه " لأجرا " لثوابا " غير ممنون " غير مقطوع كقوله : " عطاء غير مجذوذ " هو : 1 . 8 أو غير ممنون عليك به لأنه ثواب تستوجبه على عملك وليس بتفضل ابتداء ؛ وإنما الفواضل لا الأجور على الأعمال .
" وإنك لعلى خلق عظيم " استعظم خلقه لفرط احتماله الممضات من قومه وحسن مخالقته ومداراته لهم .
وقبل : هو الخلق الذي أمره اله تعالى به في قوله تعالى : " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " الأعراف : 199 وعن عائشة Bها : أن سعيد بن هشام سألها عن خلق رسول الله A فقالت : كانت خلقه القرآن ألست تقرأ القرآن : قد أفلح المؤمنون .
" فستبصر ويبصرون بأيتكم المفتون " " المفتون " المجنون لأنه فتن : أي محن بالجنون . أو لأن العرب يزعمون أنه من تخبيل الجن وهم الفتان للفتاك منهم والباء مزيدة . أو المفتون مصدر كالمعقول والمجلود أي : بأيكم الجنون او بأي الفريقين منكم الجنون أبفريق المؤمنين أم بفريق الكافرين ؟ أي : في أيهما يوجد من يستحق هذا الإسم وهو تعريض بأبي جهل بن هشام والوليد بن المغيرة وأضرابهما وهذا كقوله تعالى : " سيعلمون غدا من الكذاب الأشر " القمر : 26 .
" إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين فلا تطع المكذبين ودوا لو تدهن فيدهنون " " إن ربك هو أعلم " بالمجانين على الحقيقة وهم الذين ضلوا عن سبيله " وهو أعلم " بالعقلاء وهم المهتدون . أو يكون وعبدا ووعدا وأنه أعلم بجزاء الفريقين " فلا تطع المكذبين " تهييج وإلهاب للتصميم على معاصاتهم وكانوا قد أرادوه على أن يعبد الله مدة وآلهتهم مدة ويكفوا عنه غوائلهم " لو تدهن " لو تلين وتصانع " فيدهنون " فإن قلت : لم رقع " فيدهنون " ولم ينصب بإضمار " أن " وهو جواب التمني ؟ قلت : قد عدل به إلى طريق آخر : وهو أن جعل خبر مبتدأ محذوف أي : فهم يدهنون كقوله تعالى : " فمن يؤمن بربه فلا يخاف " الجن : 13 على معنى : ودوا لو تدهن فهم يدهنون حينئذ . او ودوا إدهانك فهم الآن يدهنون ؛ لطمعهم في إدهانك . قال سيبويه : وزعم هرون أنها في بعض المصاحف ودوا لو تدهن فيدهنوا .
" ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أسم عتل بعد ذلك زنيم أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه ءاياتنا قال أسطير الأولين سنسمه على الخرطوم "