1199 - أنه سئل عمن طلق ثلاثا أو ألفا هل له من مخرج ؟ فتلاها . وعن ابن عباس أنه سئل عن ذلك فقال : لم تتق الله فلم يجعل لك مخرجا بانت منك بثلاث والزيادة إثم في عنقك . ويجوز أن يجاء بها على سبيل الاستطراد عند ذكر قوله : " ذلكم يوعظ به " يعني : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ومخلصا من غموم الدنيا والآخرة . وعن النبي A : 1200 أنه قرأها فقال : " مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة " . وقال عليه السلام : 1201 إني لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم " ومن يتق الله... . " فما زال يقرؤها ويعيدها . وروي : 1202 أن عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابنا له يسمى سالما . فأتى رسول الله فقال : أسر ابني وشكا إليه الفاقة ؛ فقال : ما أمسى عند آل محمد إلا مد فاتق الله واصبر وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ففعل فبينما هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإبل تغفل عنها العدو فاستاقها فنزلت هذه الآية " بلغ أمره " أي يبلغ ما يريد لا يفوته مراد ولا يعجزه مطلوب . وقرئ : " بالغ أمره " بالإضافة " وبالغ أمره " بالرفع أي : نافذ أمره وقرأ المفضل : " بالغا أمره " على أن قوله : " قد جعل الله " خبر إن وبالغا حال " قدرا " تقديرا وتوقيتا . وهذا بيان لوجوب التوكل على الله وتفويض الأمر إليه ؛ لأنه إذا علم أن كل شيء من الرزق ونحوه لا يكون إلا بتقديره وتوقيته : لم يبق إلا التسليم للقدر والتوكل .
" والائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر والائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا . ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا . " روي أن ناسا قالوا : قد عرفنا عدة ذوات الأقراء فما عدة اللائي لا يحضن ؛ فنزلت . فمعنى " إن ارتبتم " : إن أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتددن فهذا حكمهن وقيل : إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ اليأس وقد قدروه بستين سنة وبخمس وخمسين أهو دم حيض أو استحاضة ؟ " فعدتهن ثلاثة أشهر " وإذا كانت هذه عدة المرتاب بها فغير المرتاب بها أولى بذلك " والائي لم يحضن " هن الصغائر . والمعنى : فعدتهن ثلاثة أشهر فحذف لدلالة المذكور عليه . اللفظ مطلق في أولات الأحمال فاشتمل على المطلقات والمتوفى عنهن . وكان ابن مسعود وأبي وأبو هريرة وغيرهم لا يفرقون . وعن علي وابن عباس : عدة الحامل المتوفى عنها أبعد الأجلين . وعن عبد الله : من شاء لاعنته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد التي في البقرة يعني : أن هذا اللفظ مطلق في الحوامل . وروت أم سلمة : 1203 أن سبيعة الأسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله A فقال لها : قد حللت فانكحي " يجعل له من أمره يسرا " ييسر له من أمره ويحلل له من عقده بسبب التقوى " ذلك أمر الله " يريد ما علم من حكم هؤلاء المعتدات . والمعنى ومن يتق الله في العمل بما أنزل الله من هذه الأحكام وحافظ على الحقوق الواجبة عليه مما ذكر من الإسكان وترك الضرار والنفقة على الحوامل وإيتاء أجر المرضعات وغير ذلك : استوجب تكفير السيئات والأجر العظيم .
" أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى . لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا . "