" والذي نفسي بيده لا يقولها أحد منكم إلا غص بريقه " فلولا أنهم كانوا موقنين بصدق رسول الله A لتمنوا ولكنهم علموا أنهم لو تمنوا لماتوا من ساعتهم ولحقهم الوعيد فما تمالك أحد منهم أن يتمنى ؛ وهي إحدى المعجزات . وقرئ : " فتمنوا الموت " بكسر الواو تشبيها بلو استطعنا . ولا فرق بين " لا " و " لن " في أن كل واحدة منهما نفي للمستقبل إلا أن في " لن " تأكيدا وتشديدا ليس في " لا " فأتى مرة بلفظ التأكيد " ولن يتمنوه " البقرة : 95 ومرة بغير لفظه " ولا يتمنونه " الجمعة : 7 ثم قيل لهم " إن الموت الذي تفرون منه " ولا تجسرون أن تتمنوه خيفة أن تؤخذوا بوبال كفركم ؛ لا تفوتونه وهو ملاقيكم لا محالة " ثم تردون " إلى الله فيجازيكم بما أنتم أهله من العقاب . وقرأ زيد بن علي Bه : إنه ملاقيكم . وفي قراءة ابن مسعود : تفرون منه ملاقيكم وهي ظاهرة . وأما التي بالفاء فلتضمن الذي معنى الشرط وقد جعل " إن الموت الذي تفرون منه " كلاما برأسه في قراءة زيد أي : إن الموت هو الشيء الذي تفرون منه ثم استؤنف : إنه ملاقيكم .
" يا أيها الذين أمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون . فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون . " " يوم الجمعة " يوم الفوج المجموع كقولكم : ضحكة كقولهم : ضحكة للمضحوك منه . و " يوم الجمعة " بفتح الميم : يوم الوقت الجامع كقولهم : ضحكة ولعنة ولعبة ؛ ويوم الجمعة تثقيل للجمعة كما قيل : عسرة في عسر . وقرئ : بهن جميعا . فإن قلت : من في قوله : " من يوم الجمعة " ما هي ؟ قلت : هي بيان لإذا وتفسير له . والنداء : الأذن . وقالوا : المراد به الأذان عند قعود الإمام على المنبر وقد : 1173 كان لرسول الله A مؤذن واحد فكان إذا جلس على المنبر أذن على باب المسجد ؛ فإذا نزل أقام للصلاة ثم كان أبو بكر وعمر Bهما على ذلك ؛ حتى إذا كان عثمان وكثر الناس وتباعدت المنازل زاد مؤذنا آخر فأمر بالتأذين الأول على داره التي تسمى زوراء فإذا جلس على المنبر : أذن المؤذن الثاني فإذا نزل أقام للصلاة فلم يعب ذلك عليه . وقيل : أول من سماها " جمعة " كعب بن لؤي وكان يقال لها : العروبة . وقيل : 1174 إن الأنصار قالوا : لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام وللنصارى مثل ذلك ؛ فهلموا نجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر الله ونصلي . فقالوا : يوم السبت لليهود ويوم الأحد للنصارى فاجعلوا يوم العروبة فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه فأنزل الله آية الجمعة فهي أول جمعة كانت في الإسلام وأما أول جمعة جمعها رسول الله A فهي : 1175 أنه لما قدم المدينة مهاجرا نزل قباء على بني عمرو بن عوف وأقام بها يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجدهم ثم خرج يوم الجمعة عامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم فخطب وصلى الجمعة . وعن بعضهم : قد أبطل الله قول اليهود في ثلاث : افتخروا بأنهم أولياء الله وأحباؤه فكذبهم في قوله : " فتمنوا الموت إن كنتم صادقين " وبأنهم أهل الكتاب والعرب لا كتاب لهم فشبههم بالحمار يحمل أسفارا ؛ وبالسبت وأنه ليس للمسلمين مثله فشرع الله لهم الجمعة . وعن النبي A : 1176 " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أهبط إلى الأرض وفيه تقوم الساعة وهو عند الله يوم المزيد " . وعنه عليه السلام : 1177 " أتاني جبريل وفي كفه مرآة بيضاء وقال : هذه الجمعة يعرضها عليك ربك لتكون لك عيدا ولأمتك من بعدك وهو سيد الأيام عندنا ونحن ندعوه إلى الآخرة يوم المزيد " . وعنه A : 1178 " إن لله تعالى في كل جمعة ستمائة ألف عتيق من النار . وعن كعب : إن الله فضل من البلدان : مكة ومن الشهور : رمضان ومن الأيام : الجمعة . وقال E : 1179 " من مات يوم الجمعة كتب الله له أجر شهيد ووقي فتنة القبر " وفي الحديث :