1163 - أن صلح الحديبة كان على أن من أتاكم من أهل مكة رد إليهم ومن أتى منكم مكة لم يرد إليكم ؛ وكتبوا بذلك كتابا وختموه فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة والنبي A بالحديبة فأقبل زوجها مسافر المخزومي . وقيل صيفي بن الراهب فقال : يا محمد أردد علي امرأتي فإنك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طينة الكتاب لم تجف فنزلت بيانا لأن الشرط إنما كان في الرجال دون النساء . وعن الضحاك : كان بين رسول الله A وبين المشركين عهد : أن لا تأتيك منا امرأة ليست على دينك إلا رددتها إلينا فإن دخلت في دينكم ولها زوج أن ترد على زوجها الذي أنفق عليها وللنبي A من الشرط مثل ذلك . وعن قتادة : ثم نسخ هذا الحكم وهذا العهد براءة فاستحلفها رسول الله A فحلفت فأعطى زوجها ما انفق وتزوجها عمر . فإن قلت : كيف سمي الظن علما في قوله : " فإن علمتموهن " ؟ قلت : إيذانا بأن الظن الغالب وما يفضي إليه الاجتهاد والقياس جار مجرى العلم وأن صاحبه غير داخل في قوله : " ولا تقف ما ليس لك به علم " الإسراء : 36 فإن قلت : فما فائدة قوله : " الله أعلم بإيمانهن " وذلك معلوم لا شبهة فيه ؟ قلت : فائدته بيان أن لا سبيل لكم إلى ما تطمئن به النفس ويثلج به الصدر من الإحاطة بحقيقة إيمانهن . فإن ذلك مما استأثر به علام الغيوب وأن ما يؤدي إليه الامتحان من العلم كاف في ذلك وأن تكليفكم لا يعدوه ؛ ثم نفى عنهم الجناح في تزوج هؤلاء المهاجرات إذا آتوهن أجورهن أي مهورهن لأن المهر أجر البضع ولا يخلو إما أن يراد بها ما كان يدفع إليهن ليدفعنه إلى أزواجهن فيشترط في إباحة تزوجهن تقديم أدائه وإما أن يراد أن ذلك إذا دفع إليهن ليدفعنه إلى أزواجهن فيشترط في إباحة تزوجهن تقديم أدائه وإما أن يراد أن ذلك إذا دفع إليهن على سبيل القرض ثم تزوجن على ذلك لم يكن به بأس وإما أن يبين لهم أن ما أعطى أزواجهن لا يقوم مقام المهر وأنه لا بد من إصداق وبه احتج أبو حنيفة على أن أحد الزوجين إذا خرج من دار الحرب مسلما أو بذمة وبقي الآخر حربيا : وقعت الفرقة ولا يرى العدة على المهاجرة ويبيح نكاحها إلا أن تكون حاملا " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " والعصمة ما يعتصم به من عقد وسبب يعني : إياكم وإياهن ولا تكن بينكم وبينهن عصمة ولا علقة زوجية . قال ابن عباس : من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدن بها من نسائه لأن اختلاف الدارين قطع عصمتها منه . وعن النخعي : هي المسلمة تلحق بدار الحرب فتكفر . وعن مجاهد : أمرهم بطلاق الباقيات مع الكفار ومفارقتهن " وسئلوا ما أنفقتم " من مهور أزواجكم اللاحقات بالكفار " وليسئلوا ما أنفقوا " من مهور نسائهم المهاجرات . وقرئ : " ولا تمسكوا " بالتخفيف . ولا تمسكوا بالتثقيل . ولا تمسكوا . أي : ولا تتمسكوا " ذلكم حكم الله " يعني جميع ما ذكر في هذه الآية " يحكم بينكم " كلام مستانف . أو حال من حكم الله على حذف الضمير أي : يحكمه الله . أو جعل الحكم حاكما على المبالغة . روي أنها لما نزلت هذه الآية أدى المؤمنون ما أمروا به من أداء مهور المهاجرات إلى أزواجهن المشركين وأبى المشركون أن يؤدوا شيئا من مهور الكوافر إلى أزواجهن المسلمين فنزل قوله : " وإن فاتكم " وإن سبقكم وانفلت منكم " شيء " من أزواجكم : أحد منهن إلى الكفار وهو في قراءة ابن مسعود : أحد . فإن قلت : هل لإيقاع شيء في هذا الموقع فائدة ؟ قلت : نعم الفائدة فيه : أن لا يغادر شيء من هذا الجنس وإن قل وحقر غير معوض منه تغليظا في هذا الحكم وتشديدا فيه " فعاقبتم " من العقبة وهي التوبة : شبه ما حكم به على المسلمين والكافرين من أداء هؤلاء مهور نساء وأولئك تارة وأولئك مهور نساء هؤلاء أخرى بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب في الركوب وغيره . ومعناه : فجاءت عقبتكم من أداء المهر فآتوا من فاتته امرأته إلى الكفار مثل مهرها من مهر المهاجرة ولا تؤتوه زوجها الكافر وهكذا عن الزهري : يعطي من صداق من لحق بهم . وقرأ : " فأعقبتم " بالتشديد . فعقبتم بالتخفيف بفتح القاف وكسرها فمعنى أعقبتم : دخلتم في العقبة وعقبتم : من عقبه إذا قفاه لأن كل واحد من المتعاقبين يقفي صاحبه وكذلك عقبتم بالتخفيف يقال : ع قبه عقبه . وعقبتم نحو تبعتم . وقال