" إن جدالا في القرآن كفرا " وإيراده منكرا وإن لم يقل : إن الجدال تمييز منه بين جدال وجدال . فإن قلت : من أين تسبب لقوله : " فلا يغررك " ما قبله ؟ قلت : من حيث إنهم لما كانوا مشهودا عليهم من قبل الله بالكفر والكافر لا أحد أشقى منه عند الله وجب على من تحقق ذلك أن لا ترجح أحوالهم في عينه ولا يغره إقبالهم في دنياهم وتقلبهم في البلاد بالتجارات النافقة والمكاسب المربحة وكانت قريش كذلك يتقلبون في بلاد الشام واليمن ولهم الأموال يتجرون فيها ويتربحون فإن مصير ذلك وعاقبته إلى الزوال ووراءه شقاوة الأبد . ثم ضرب لتكذيبهم وعداوتهم للرسل وجدالهم لباطل وما ادخر لهم من سوء العاقبة مثلا : ما كان من نحو ذلك من الأمم وما أخذهم من عقابه وأحله بساحتهم من انتقامه . وقرىء : " فلا يغرك " .
" كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجدلوا بالبطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب " " والأحزاب " الذين تحزبوا على الرسل وناصبوهم وهم عاد وثمود وفرعون وغيرهم " وهمة كل أمة " من هذه الأمم التي هي قوم نوح والأحزاب " برسولهم " وقرىء : " برسولها " " ليأخذوه " ليتمكنوا منه ومن الإيقاع به وإصابته بما أرادوا من تعذيب أو قتل . ويقال للأسير : أخيذ " فأخذتهم " يعني أنهم قصدوا أخذه فجعلت جزاءهم على إرادة أخذه أن أخذتهم " فكيف كان عقاب " فإنكم تمرون على بلادهم ومساكنهم فتعاينون أثر ذلك . وهذا تقرير فيه معنى التعجيب .
" وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار " " إنهم أصحاب النار " في محل الرفع بدل من " كلمت ربك " أي : مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة كونهم من أصحاب النار . ومعناه : كما وجب هلاكهم في الدنيا بالعذاب المستأصل كذلك وجب إهلاكهم بعذاب النار في الآخرة أو في محل النصب بحذف لام التعليل وإيصال الفعل . والذين كفروا : قريش ومعناه كما وجب إهلاك أولئك الأمم كذلك وجب إهلاك هؤلاء لأن علة واحدة تجمعهم أنهم من أصحاب النار . وقرىء : " كلمات " .
" الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين ءامنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنت عدن التي وعدتهم ومن صلح من ءابائهم وأزوجهم وذريتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات يومئذ ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم " روي : أن حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورؤوسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم . وعن النبي A : " لا تتفكروا في عظم ربكم ولكن تفكروا فيما خلق الله من الملائكة فإن خلقا من الملائكة يقال له إسرافيل : زاوية من زوايا العرش على كاهله وقدماه في الأرض السفلى وقد مرق رأسه من سبع سموات وإنه ليتضاءل من عظمة الله حتى يصير كأنه الوصع " . وفي الحديث :