الأرض ودخولها تحت القبضة ونصب مطويات على الحال سبحانه وتعالى ما أبعد من هذه قدرته وعظمته وما أعلاه عما يضاف إليه من الشركاء .
" ونفخ في الصور فصعق من في السموت والأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " فإن قلت : " أخرى " ما محلها من الإعراب . قلت : يحتمل الرفع والنصب : أما الرفع فعلى قوله : " فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة " الحاقة : 13 ، وأما النصب فعلى قراءة من قرأ : " نفخة واحدة " الحاقة : 13 ، والمعنى : ونفخ في الصور نفخة واحدة ثم نفخ فيه أخرى . وإنما حذفت لدلالة أخرى عليها ولكونها معلومة بذكرها في غير مكان . وقرىء : " قياما ينظرون " : يقلبون أبصارهم في الجهات نظر المبهوت إذا فاجأه خطب . وقيل : ينظرون ماذا يفعل بهم ؟ ويجوز أن يكون القيام بمعنى الوقوف والجمود في مكان لتحيرهم .
" وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتب وجاىء بالنبين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون " قد استعار الله D النور للحق والقرآن والبرهان في مواضع من التنزيل وهذا من ذاك . والمعنى : " وأشرقت الأرض " بما يقيمه فيها من الحق والعدل ويبسطه من القسط في الحساب ووزن الحسنات والسيئات وينادي عليه بأنه مستعار إضافته إلى اسمه لأنه هو الحق العدل . وإضافة اسمه إلى الأرض لأنه يزينها حيث ينشر فيها عدله وينصب فيها موازين قسطه ويحكم بالحق بين أهلها ولا ترى أزين للبقاع من العمل ولا أعمر لها منه . وفي هذه الإضافة أن ربها وخالقها هو الذي يعدل فيها وإنما جور فيها غير ربها ثم ما عطف على إشراق الأرض من وضع الكتاب والمجيء بالنبيين والشهداء والقضاء بالحق وهو النور المذكور . وترى الناس يقولون للملك العادل : أشرقت الافاق بعدلك وأضاعت الدنيا بقسطك كما تقول : أظلمت البلاد بجور فلان . وقال رسول الله A : " الظلم ظلمات يوم القيامة " وكما فتح الآية بإثبات العدل ختمها بنفي الظلم . وقرىء : " وأشرقت " على البناء للمفعول من شرقت بالضوء تشرق : إذا أمتلأت به وأغتصت . وأشرقها الله كما تقول : ملأ الأرض عدلا وطبقها عدلا " الكتب " صحائف الأعمال ولكنه اكتفى باسم الجنس وقيل : اللوح المحفوظ " والشهداء " الذين يشهدون للأمم وعليهم من الحفظة والأخيار . وقيل : المستشهدون في سبيل الله .
" وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ءايت ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكفرين قيل ادخلوا أبوب جهنم خلدين فيها فبئس مثوى المتكبرين " الزمر : الأفواج المتفرقة بعضها في أثر بعض وقد تزمروا قال : .
حتى احزألت زمر بعد زمر .
وقيل في زمر الذين اتقوا : هي الطبقات المختلفة : الشهداء والزهاد والعلماء والقراء وغيرهم . وقرىء : " نذر منكم " فإن قلت : لم أضيف إليهم اليوم ؟ قلت : أرادوا لقاء وقتكم هذا وهو وقت دخولهم النار لا يوم القيامة . وقد جاء استعمال اليوم والأيام مستفيضا في أوقات الشدة " قالوا بلى " أتونا وتلوا علينا ولكن وجبت علينا كلمة الله لأملأن جهنم لسوء أعمالنا كما قالوا : غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين . فذكرو عملهم الموجب لكلمة العذاب وهو الكفر والضلال . واللام في المتكبرين للجنس لأن " مثوى المتكبرين " فاعل بئس وبئس فاعلها : اسم معرف بلام الجنس . أو مضاف إلى مثله والمخصوص بالذم محذوف تقديره : فبئس مثوى المتكبرين جهنم .
" وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوبها وقال لهم خزنتها سلم عليكم طبتم فادخلوها خلدين وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العملين "