" قرءانا عربيا " حال مؤكدة كقولك : جاءني زيد رجلا صالحا وإنسانا عاقلا ويجوز أن ينتصب على المدح " غير ذي عوج " مستقيما بريئا من التناقض والاختلاف فإن قلت : فهلا قيل : مستقيما : أو غير معوج ؟ قلت : فيه فائدتان إحداهمما : نفي أن يكون فيه عوج قط كما قال : " ولم يجعل له عوجا " الكهف : 1 والثانية : أن لفظ العوج مختص بالمعاني دون الأعيان وقيل : المراد بالعوج : الشك واللبس وأنشد : .
وقد أتاك يقين غيرذي عوج ... من الإله وقول غير مكذوب .
" ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهنم لا يعلمون " واضرب لقومك مثلا وقل لهم : ما تقولون في رجل من المماليك قد اشترك فيه شركاء بينهم اختلاف وتنازع : كل واحد منهم يدعي أنه عبده فهم يتجاذبونه ويتعاورونه في مهن شتى ومشادة وإذا عنت له حاجة تدافعوه فهو متحير في أمره سادر قد تشعبت الهموم قلبه وتوزعت أفكاره لا يدري أيهم يرضى بخدمته . وعلى أيهم يعتمد في حاجاته . وفي آخر : قد سلم لمالك واحد وخلص له فهو معتنق لما لزمه من خدمته معتمد عليه فيما يصلحه فهمه واحد وقلبه مجتمع أفي هذين العبدين أحسن حالا وأجمل شأنا ؟ والمراد : تمثيل حال من يثبت الهة شتى وما يلزمه على قضية مذهبه من أن يدعي كل واحد منهم عبوديته ويتشاكسوا في ذلك ويتغالبوا كما قال تعالى : " ولعلا بعضهم على بعض " المؤمنون : 91 ، ويبقى هو متحيرا ضائعا لا يدري أيهم يعبد . وعلى ربوبية أيهم يعتمد ؟ وممن يطلب رزقه . وممن يلتمس رفقه . فهمه شعاع وقلبه أوزاع وحال من لم يثبت إلا إلها واحدا فهو قائم بما كلفه عارف بما أرضاه وما أسخطه متفضل عليه في عاجله مؤمل للثواب من أجله . و " فيه " صلة شركاء كما تقول : اشتركوا فيه . والتشاكس والتشاخس : الاختلاف تقول : تشاكست أحواله وتشاخست أسنانه سالما لرجل خالصا . وقرىء : " سلما " بفتح الفاء والعين وفتح الفاء وكسرها مع سكون العين وهي مصادر سلم . والمعنى : ذا سلامة لرجل أي : ذا خلوص له من الشركة من قولهم : سلمت له الضيعة . وقرىء بالرفع على الابتداء أي : وهناك رجل سالم لرجل وإنما جعله رجلا ليكون أفطن لما شقي به أو سعد فإن المرأة والصبي قد يغفلان عن ذلك " هل يستويان مثلا " هل يستويان : صفة على التمييز والمعنى : هل يستوي صفتاهما وحالاهما وإنما اقتصر في التمييز على الواحد لبيان الجنس . وقرىء : " مثلين " كقوله تعالى : " وأكثر أموالا وأولادا " التوبة : 69 ، مع قوله : " أشد منهم قوة " ويجوز فيمن قرأ : مثلين أن يكون الضمير في يستويان " للمثلين لأن التقدير : مثل رجل ومثل رجل . والمعنى . هل يستويان فيما يرجع إلى الوصفية كما تقول : كفى بهما رجلين " الحمد لله " الواحد الذي لا شريك له دون كل معبود سواه أي : يجب أن يكون الحمد متوجها إليه وحده والعبادة فقد ثبت أنه لا إله إلآ هو " بل أكثرهم لا يعلمون " يشركون به غيره .
" ثم إنكم يوم القيمة عند ربكم تختصمون فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكفرين "