و " إن " هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة . وفي ذلك أنهم كانوا يقولونه مؤكدين للقول جادين فيه فكم بين أول أمرهم وآخره . " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغلبون " الكلمة : قوله : " إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغلبون " وإنما سماها كلمة وهي كلمات عدة لأنها لما انتظمت في معنى واحد كانت في حكم كلمة مفردة وقرىء : " كلماتنا " والمراد الموعد بعلوهم على عدوهم في مقام الحجاج وملاحم القتال في الدنيا وعلوهم عليهم في الآخرة كما قال : " والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة " البقرة : 212 ، ولا يلزم انهزامهم في بعض المشاهد وما جرى عليهم من القتل فإن الغلبة كانت لهم ولمن بعدهم في العاقبة وكفى بمشاهد رسول الله A والخلفاء الراشدين مثلا يحتذى عليها وعبرا يعتبر بها . وعن الحسن C : ما غلب نبي في حرب ولا قتل فيها ولأن قاعدة أمرهم وأساسه والغالب منه : الظفر والنصرة - وإن وقع في تضاعيف ذلك شوب من الابتلاء والمحنة - والحكم للغالب . وعن ابن عباس Bهما : إن لم ينصروا في الدنيا نصروا في الآخرة . وفي قراءه ابن مسعود : " على عبادنا " على تضمين سبقت معنى حقت . " فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون " " فتول عنهم " فأعرض عنهم وأغض على أذاهم " حتى حين " إلى مدة يسيرة وهي مدة الكف عن القتال . وعن السدي : إلى يوم بدر . وقيل : إلى الموت . وقيل . إلى يوم القيامة " وأبصرهم " وما يقضى عليهم من الأسر والقتل والعذاب في الآخرة فسوف يبصرونك وما يقضى لك من النصرة والتأييد والثواب في العاقبة . والمراد بالأمر بإبصارهم على الحال المنتظرة الموعودة الدلالة على أنها كائنة واقعة لا محالة وأن كينونتها قريبة كأنها قدام ناظريك . وفي ذلك تسلية له وتنفيس عنه . وقوله : " فسوف يبصرون " الوعيد كما سلف لا للتبعيد . " أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون " مثل العذاب النازل بهم بعد ما أنذروه فأنكروه بجيش أنذر بهجومه قومه بعض نصاحهم فلم يلتفتوا إلى إنذاره ولا أخذوا أهبتهم ولا دبروا أمرهم تدبيرا ينجيهم حتى أناخ بفنائهم بغتة فشن عليهم الغارة وقطع دابرهم وكانت عادة مغاويرهم أن يغيروا صباحا فسميت الغارة صباحا وإن وقعت في وقت اخر وما فصحت هذه الآية ولا كانت لها الروعة التي تحس بها ويروقك موردها على نفسك وطبعك إلا لمجيئها على طريقة التمثيل وقرأ ابن مسعود : " فبئس صباح " . وقرىء : " نزل بساحتهم " على إسناده إلى الجار والمجرور كقولك : ذهب بزيد ونزل على : ونزل العذاب . والمعنى : فساء صباح المنذرين صباحهم واللام في المنذرين مبهم في جنس من أنذروا لأن ساء وبئس يقتضيان ذلك . وقيل : هو نزول رسول الله A يوم الفتح بمكة . وعن أنس Bه : لما أتى رسول الله A خيبر - وكانوا خارجين إلى مزارعهم ومعهم المساحي - قالوا : محمد والخميس ورجعوا إلى حصنهم . فقال E : " الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنفرين " وإنما ثنى " وتول عنهم " ليكون تسلية على تسلية . وتأكيدا لوقوع الميعاد إلى تأكيد . وفيه فائدة زائدة وهي إطلاق الفعلين معا عن التقييد بالمفعول وأنه يبصر وهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من صنوف المسرة وأنواع المساءة . وقيل : أريد بأحدهما عذاب الدنيا وبالآخر عذاب الاخرة . " سبحن ربك رب العزة عما يصفون وسلم على المرسلين والحمد لله رب العلمين " أضيف الرب إلى العزة لاختصاصه بها كأنه قيل : ذو العزة كما تقول : صاحب صدق لاختصاصه بالصدق . ويجوز أن يراد أنه ما من عزة لأحد من الملوك وغيرهم إلآ وهو ربها ومالكها كقوله تعالى : " تعز من تشاء " آل عمران : 26 ، : اشتملت السورة على ذكر ما قاله المشركون في الله ونسبوا إليه مما هو منزه عنه وما عاناه المرسلون من جهتهم وما خولوه في العاقبة من النصرة عليهم فختمها بجوامع ذلك من تنزيه ذاته عما وصفه به المشركون والتسليم على المرسلين " والحمد لله رب العالمين " على ما قيض لهم من حسن العواقب والغرض تعليم المؤمنين أن يقولوا ذلك ولا يخلوا به ولا يغفلوا عن مضمنات كتابه الكريم ومودعات قرآنه المجيد . وعن علي رضى الله عنه : من أحب أن