الوزر والوقر : أخوان ؛ ووزر الشيء إذا حمله . والوازرة : صفة للنفس والمعنى : أن كل نفس يوم القيامة لا تحمل إلا وزرها الذي اقترفته : لا تؤخذ نفس بذنب نفس كما تأخذ جبابرة الدنيا : الولي بالولي والجار بالجار . فإن قلت : هلا قيل : ولا تزر نفس وزر أخرى ؟ ولم قيل وازرة ؟ قلت : لأن المعنى أن النفوس الوازرات لا ترى منهن واحدة إلا حاملة وزرها لا وزر غيرها . فإن قلت : كيف توفق بين هذا وبين قوله : " وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم " العنكبوت : 13 ؟ قلت : تلك الآية في الضالين المضلين وأنهم يحملون أثقال إضلال الناس مع أثقال ضلالهم وذلك كله أوزارهم ما فيها شيء من وزر غيرهم . ألا ترى كيف كذبهم الله تعالى في قولهم : " اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم " العنكبوت : 12 بقوله تعالى : " وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء " العنكبوت : 12 . فإن قلت : ما الفرق بين معنى قوله : " ولا تزر وازرة وزر آخرى " وبين معنى : " وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شئ " ؟ قلت : ألول في الدلالة على عدل الله تعالى في حكمه وأنه تعالى لا يؤاخذ نفسا بغير ذنبها والثاني : في أن غياث يومئذ لمن استغاث حتى أن نفسا قد أثقلتها الأوزار وبهظتها لو دعت إلى أن يخفف بعض وقوها لم تجب ولم تغث وإن كان المدعو بعض قرابتها من أب أو ولد أو أخ . فإن قلت : إلام أسند كان في " ولو كان ذا قربى " ؟ قلت : إلى المدعو المفهوم من قوله : " وإن تدع مثقله " . فإن قلت : فلم ترك ذكر المدعو ؟ قلت : ليعم ويشمل كل مدعو . فإن قلت : كيف استقام إضمار العام ؟ ولا يصح أن يكون العام ذا قربى للمثقلة ؟ قلت : هو من العموم الكائن على طريق البدل . فإن قلت : ما تقول فيمن قرأ : ولو كان ذو قربى على كان التامة كقوله تعالى : " وإن كان ذو عسرة " البقرة : 290 ؟ قلت : نظم الكلام أحسن ملاءمة للناقصة ؛ لأن المعنى على أن المثقلة إن دعت أحدا إلى حمهلا لا يحمل منه شيء وإن كان مدعوها ذا قربى وهو معنى صحيح ملتئم ولو قلت : نظم الكلام أحسن ملاءمة للناقصة ؛ لأن المعنى على أن المثقلة إن دعت أحدا إلى حملها لا يحمل منه شيء وإن كان مدعوها ذا قربى وهو معنى صحيح ملتئم ولو قلت : ولو وجد ذو قربى لتفكك وخرج من اتساقه والتئامه على أن ههنا ما ساغ أن يستتر له ضمير في الفعل بخلاف ما أوردته " بالغيب " حال من الفاعل أو المفعول أي : يخشون ربهم غائبين عن عذابه أو يخشون عذابه غائبا عنهم . وقيل : بالغيب في السر وهذه صفة الذين كانوا مع رسول الله A من أصحابه فكانت عادتهم المستمرة أن يخشوا الله وهم الذين كانوا مع رسول الله A من أصحابه فكانت عادتهم المستمرة أن يخشوا الله وهم الذين أقاموا الصلاة وتركوها منارا منصوبا وعلما مرفوعا يعني : إنما تقدر على إنذار هؤلاء وتحذيرهم من قومك وعلى تحصيل منفعة الإنذار فيهم دون متمرديهم وأهل عنادهم " ومن تزكى " ومن تطهر بفعل الطابعات وترك المعاصي . وقرئ : من أزكى فإنما يزكى وهو اعتراض مؤطد لخشيهم وإقامتهم الصلاة لأنهما من جملة التزكي " وإلى الله المصير " وعد للمتزكين بالثواب . فإن قل - : كيف اتصل قوله : " إنما تنذر " بما قبله ؟ قلت : لما غضب عليهم في قوله : " إن يشأ يذهبكم " اتبعه الإنذار بيوم القيامة وذكر أهوالها ثم قال : إنما تنذر كأن رسول الله A أسمعهم ذلك فلم ينفع فنزل : " إنما تنذر " أو أخبره الله تعالى بعمله فيهم .
" وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير "