" " لو ترى " جوابه محذوف يعني : لرأيت أمرا عظيما وحالا هائلة . ولو وإذ والأفعال التي هي فزعوا وأخذوا وحيل بينهم كلها للمضي . والمراد بها الاستقبال ؛ لأن ما الله فاعله في المستقبل بمنزلة ما قد كان ووجد لتحققه ووقت الفزع : وقت البعث وقيام الساعة . وقيل : وقت الموت . وقيل : يوم بدر . وعن ابن عباس Bهما : نزلت في خسف البيداء وذلك أن ثمانين ألفا يغزون الكعبة ليخربوها فإذا دخلوا البيداء وذلك أن ثمانين ألفا يغزون الكعبة ليخرجوها فإذا دخلوا البيداء خسف بهم " فلا فوت " فلا يفوتون الله ولا يسبقونه . وقرئ : فلا فوت والأخذ من مكان قريب : من الموقف إلى النار إذا بعثوا . أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا . أو من صحراء بدر إلى القليب . أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم . فإن قلت : علام عطف قوله : " واخذوا " ؟ قلت : فيه وجهان : العطف على فزعوا أي فزعوا وأخذوا فلا فوت لهم . أو على فوت على معنى : إذا فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا . وقرئ : وأخذ وهو معطوف على محل لا فوت ومعناه : فلا فوت هناك وهناك أخذ .
وقالوا ءامنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب " " ءامنا به " بمحمد A لمرور ذكره في قوله : " ما يصاحبكم من جنة " : والتناوش والتناول : أخوان ؛ إلا أن التناوش تناول سهل لشيء قريب يقال ناشه ينوشه وتناوشه القوم . ويقال : تناوشوا في الحرب : ناش بعضهم بعضا . وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون وهو أن ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت كما ينفع المؤمنين إيمانهم في الدنيا : مثلت حالهم بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة كما يتناوله الآخر من قيس مقدار ذراع تناولا سهلا لا تعب فيه . وقرئ : التناوش : همزت الواو المضمومة كما عمزت في أجؤه وأدؤر وعن أبي عمرو التناؤش بالهمز التناول من بعد من قولهم : نأشت إذا أبطأت وتأخرت . ومنه البيت : تمنى نئيشا أن يكون أطاعني أي أخيرا " يقذفون " معطوف على قد كفروا على حكاية الحال الماضية يعني : وكانوا يتكلمون " بالغيب " ويأتون به " من مكان بعيد " وهو قولهم فر رسول الله A شاعر ساحر كذاب . وهذا تكلم بالغيب والأمر الخفي لأنهم لم يشاهدوا منه سحرا ولا شعرا ولا كذبا وقد أتوا بهذا الغيب من جهة بعيدة من حاله لأن أبعد شيء مما جاء به : الشعر والسحر وأبعد شيء من عادته التي عرفت بينهم وجربت : الكذب والزور : قرئ : ويقذفون بالغيب على البناء للمفعول أي : يأتيهم به شياطينهم ويلقونهم إياهم وإن شئت فعلقه قوله : " وقالوا ءامنا به " على أنه مثلهم في طلبهم تحصيل ما عطلوه من الإيمان في الدنيا بقولهم آمنا في الآخرة وذلك مطلب مستبعد بمن يقذف شيئا من مكان بعيد لا مجال للظن في لحوقه حيث يريد أن يقع فيه لكونه غائبا عنه شاحطا والغيب : الشيء الغائب ويجوز أن يكون الضمير للعذاب الشديد في قوله : " بين يدي عذاب شديد " سبأ : 46 وكانوا يقولون : وما نحن بمعذبين إن كان الأمر كما تصفون من قيام الساعة والعقاب والثواب ونحن أكرم على الله من أن يعذبنا قايسين أمر الآخرة على أمر الدنيا ؛ فهذا كان قذفهم بالغيب وهو غيب ومقذوف به من جهة بعيدة ؛ لأن دار الجزاء لا تنقاس على دار التكليف " ما يشتهون " من فع الإيمان يومئذ والنجاة به من النار والفوز بالجنة . أو من الرد إلى الدنيا كما حكى عنهم " ارجعنا نعمل صالحا " السجدة : 12 . " بأشباعهم من كفرة الأمم ومن كان مذهبه مذهبهم " مريب " إما من أرابه إذا أوقعه في الريبة والتهمة . أو من أراب الرجل إذا صار ذا ريبة ودخل فيها وكلاهما مجاز ؛ إلا أن بينهما فريقا وهو أن المريب من الأول منقول ممن يصح أن يكون مريبا من الأعيان إلى المعنى والمريب من الثاني منقول من صاحب الشك إلى الشك كما تقول : شعر شاعر .
عن رسول الله A : من قرأ سورة سبإ لم يبق رسول ولا نبي إلا كان له يوم القيامة رفيقا ومصافحا .
سورة الملائكة .
مكية وهي خمس وأربعون آية .
بسم الله الرحمن الرحيم .
" الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث وربع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شئ قدير "