ما مات رسول الله A حتى أحل له النساء . تعني أن الآية قد نسخت . ولا يخلو نسخها إما أن يكون بالسنة وإما بقوله تعالى : " إنا أحللنا لك أزواجك " وترتيب النزول ليس على ترتيب المصحف " ولو أعجبك حسنهن " في موضع الحال من الفاعل وهو الضمير في " تبديل " لا من المفعول الذي هو " من أزواج " لأنه موغل في التنكير وتقديره : مفروضا إعجابك بهن . وقيل ؛ هي أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر بن أبي طالب والمراد أنها ممت أعجبه حسنهن واستثنى ممن حرم عليه : الإماء " رقيبا " حافظا مهيمنا وهو تحذير عن مجاوزة حدوده وتخطى حلاله إلى حرامه .
" يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إنه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أظهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما " " أن يؤذن لكم " في معنى الظرف تقديره وقت أن يؤذن لكم . و " غير ناظرين " حال من " لا تدخلوا " وقع الاستثناء على الوقت والحال معا . كأنه قيل : لا تدخلوا بيوت النبي A إلا وقت الإذن ولا تدخلوها إلا غير ناظرين وهؤلاء قوم كانوا يتحيرون طعام رسول الله فيدخلون ويقعدون منتظرين إدراكه . ومعناه : لا تدخلوا يا هؤلاء المتحينون للطعام فحسب . وعن ابن عبلة أنه قرأ : غير ناظرين مجرورا صفة لطعام وليس بالوجه لأنه جرى على غير ما هو له فمن حق ضمير ما هو له أن يبرز إلى اللفظ فيقال : غير ناظرين إناه أنتم كقولك : هند زيد ضاربته هي وإني الطعام : إدراكه . يقال : أني الطعام إني كقولك : قلاه قلى . ومنه قوله : " بين حميم آن " الرحمن : 44 بالغ إناه . وقيل : إناه وقته أي : غير ناظرين وقت الطعام وساعة أكله . وروي : أن رسول الله A أولم على زينب بتمر وسويق وشاة وأمر أنسا أن يدعو بالناس فترادفوا أفواجا بأكل فوج فيخرج ثم يدخل فوج إلى أن قال : يا رسول الله دعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه فقال : ارفعوا طعامكم وتفرق الناس وبقي ثلاثة نفر يتحدثون فأكالوا ؛ فقال رسول الله A ليخرجوا فانطلق إلى حجرة عائشة Bها فقال : السلام عليكم أهل البيت فقالوا : وعليك السلام يا رسول الله كيف وجت أهلك ؟ واف في الحجرات فسلم عليهن ودعون له ؛ ورجع فإذا الثلاثة جلوس يتحدثون وكان رسول الله A شديد الحياء فتولى فلما رأوه متوليا خرجوا فرجع ونزلت : " ولا مستئنسين لحديث " نهوا عن أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدثه به . أو عن أن يستأنسوا حديث أهل البيت واستئناسه : تسمعه وتوجسه وهو مجرور معطوف على ناظرين . وقيل : هو منصوب على : ولا تدخلوها مستأنسين . لا بد في قوله : " فيستحي منكم " من تقدير المضاف أي " من إخراجكم بدليل قوله : " والله لا يستحي من الحق " يعني أن إخراجكم حق ما ينبغي أن يستحيا منه ولما كان الحياء مما يمنع الحي من بعض الأفعال قيل : " لا يستحيمن الحق " بمعنى لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحي منكم وهذا أدب الله أعالي به الثقلان . وعن عائشة Bها : حسبك في الثقلاء أن الله تعالى لم يحتملهم وقال : فإذا طعمتهم فانتشروا . وقرئ : لا يستحي بياء واحدة . الضمير في " سألتموهن " لنساء النبي A ولم يذكرن لأن الحال ناطقة بذكرهن " متعا " حاجة " فسئلوهن " المتاع . قيل : إن عمر Bه كان يحب ضرب الحجاب عليهن محبة شديدة وكان يذكر كثيرا ويود أن ينزل فيه وكان يقول : لو أطاع فيكم ما رأتكم عين وقال : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت . وروي : أنه مر عليهن وهن مع النساء في المسجد فقال : لئن احتجبتن فإن لكن على النساء فضلا كما أن لزوجكن على الرجال الفضل فقالت زينب Bها : يا ابن الخطاب إنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى نزلت قيل :