إذ ليس في العادة مثل للقرآن يجوز أن يعلم قدرة أحد من البغاء عليه فإذا لم يكن لذلك مثل في العادة وعرف هذا الناظر جميع أساليب الكلام وأنواع الخطاب ووجد القرآن مباينا لها علم خروجة عن العادة وجرى مجرى ما يعلم أن إخراج اليد البيضاء من الجيب خارج عن العادات فهو لا يجوزه من نفسه وكذلك لا يجوز وقوعه من غيره إلا على وجه نقض العادة بل يرى وقوعه موقع المعجزة وهذا وإن كان يفارق فلق البحر وإخراج اليد البيضاء ونحو ذلك من وجه فهو أنه يستوي الناس في معرفته عجزهم عنه بكونه ناقضا للعادة من غير تأمل شديد ولا نظر بعيد فإن النظر في معرفة إعجاز القرآن يحتاج إلى تأمل ويفتقر إلى مراعاة مقدمات والكشف عن أمور نحن ذاكروها بعد هذا الموضع فكل واحد منهما يؤول إلى مثل حكم صاحبه في الجمع الذي قدمناه .
ومما يبين ما قلناه من أن البليغ المتناهي في وجوه الفصاحة يعرف إعجاز القرآن وتكون معرفة حجة عليه إذا تحدى إليه وعجز عن مثله وأن لم ينتظر وقوع التحدي في غيره وما الذي يصنع ذلك بالغير فهو ما روي في الحديث ان جبير بن مطعم ورده على النبي في معنى حليف له أراد ان يفاديه فدخل والنبي يقرأ سورة والطور وكتاب مسطور في صلاة الفجر قال فلما انتهى إلى قوله إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع قال خشيت ان يدركني العذاب فأسلم وفي حديث آخر أن عمر بن الخطاب Bه سمع سورة طه فأسلم وقد روي ان قوله D في أول حم السجدة إلى قوله فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون نزلت في شيبة وعتبة ابني ربيعة وأبي سفيان ابن حرب أبى جهل وذكر أنهم بعثوا هم وغيرهم من وجوه قريش بعتبة بن ربيعة