بذلك حدتهما وسرعة حركتهما وإحساسهما بالصوت كما يحس الورق بحفيف الريح وظاهر التشبيه غير واقع وإذا ضمن ما ذكرنا من المعنى كان المعنى حسنا ولكن لا يدل عليه اللفظ وإنما يجري مجرى المضمن .
وليس هذا البيت برائق اللفظ ولا مشاكل فيه لطبعه غير قوله متوجس برفيقتين فان هذا القدر هو حسن .
وأما البيت الثالث فقد ذكرنا فيما مضى من الكتاب انه من باب الاستطراد ونقلنا نظائر ذلك من قول أبي تمام وغيره وقطعه أبي تمام في نهاية الحسن في هذا المعنى .
والذي وقع للبحتري في هذا البيت عندي ليس بجيد في لفظ ولا معنى وهو بيت وحش جدا قد صار قذى في عين هذه القصيدة بل وخزا فيها ووبالا عليها وقد كدر صفاءها وأذهب بهاءها وماءها وطمس بظلمته سناءها .
وما وجه مدح الفرس بأنه لا يعاف قذى من المياه إذا وردها كأنه أراد أن يسلك مسلك بشار في قوله .
ولا يشرب الماء إلا بدم ... .
وإذا كان لهذا الباب مجانبا وعن هذا السمت بعيدا فهلا وصفها بعزة الشرب كما وصفها المتنبي في قوله .
وصول إلى المستصعبات بخيله ... فلو كان قرن الشمس ماء لأوردا .
وهلا سلك فيه مسلك القائل .
وإني للماء الذي شابه القذى ... إذا كثرت وراده لعيوف