بعض ذلك - ما يخلف الإبداع في أفراد الكلمات وإن كانت الجملة والمعظم على ما سبق الوصف فيه .
وإذا عرف ما يجري إليه الكلام وينهي إليه الخطاب ويقف بعد عليه الأسلوب ويختص به القبيل - بان عند أهل الصنعة تميز بابه وانفراد سبيله ولم يشك البليغ في انتمائه إلى الجهة التي بنتمي إليها ولم يرتب الأديب البارع في انتسابه إلى ما عرف من نهجه .
وهذا كما يعرف طريقه مترسل في رسالته فهو لا يخفى عليه بناء قاعدته وأساسه فكأنه يرى انه عليه مجاري حركاته وأنفاسه .
وكذلك في الشعر واختلاف ضروبه يعرف المتحقق به طبع كل أحد وسبيل كل شاعر .
وفي نظم القرآن أبواب كثيره لم نستوفها وتقصيها يطول وعجائبها لا تنقضي فمنها الكلام المغلق والإشارات .
وإذا بلغ الكلام من هذا القبيل مبلغا ربما زاد الإفهام به على الإيضاح أو ساوى مواقع التفسير والشرح مع استيفائه وشروطه - كان النهاية في معناه .
وذلك كقوله سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير فصول هذه الآية وكلماتها على ما شرحنا من قبل البلاغة واللطف في التقدم وفي تضمن هذا الأمر العظيم والمقام الكريم .
ويتلو هذه قوله وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل هذا خروج لو كان في غير هذا الكلام لتصور في صورة المنقطع وقد تمثل في هذا النظم لبراعته وعجيب أمره وموقع ما لا ينفك منه القول