ثم ذكر الفاصلة التي أوغلت في التأكيد وكفت في التظليم وردت آخر الكلام على أوله وعطفت عجزه على صدره .
ثم ذكر وعده تخليصهم بقوله ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين وهذا من التأليف بين المؤتلف والجمع بين المستأنس .
كما أن قوله وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين .
وهي خمس كلمات متباعدة في المواقع نائية المطارح قد جعلها النظم البديع أشد تألفا من الشيء المؤتلف في الأصل وأحسن توافقا من المتطابق في أول الوضع .
ومثل هذه الآية قوله وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون .
ومثلها وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين .
ومن المؤتلف قوله فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين .
وهذه ثلاث كلمات كل كلمة منها أعز من الكبريت الأحمر .
ومن الباب الآخر قوله تعالى ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون .
كل سورة من هذه السور تتضمن من القصص ما لو تكلفت العبارة عنها بأضعاف كلماتها لم تستوف ما استوفته ثم تجد فيما تنظم ثقل النظم