بهجته وزونقه على طريق مختلفة مؤتلف ومؤتلفة متحد ومتباعدة متقارب وشارده مطيع ومطيعه شارد وهو وندل على متصرفاته واحد لا يستصعب في حال ولا يتعقد في شأن .
وكنا أردنا أن نتصرف في قصائد مشهودة فنتكلم عليها على معانيها ومحاسنها ونذكر لك من فضائلها ونقائصها ونبسط لك القول في هذا الجنس , ونفتح عليك في هذا النهج .
ثم رأينا هذا خارجا عن غرض كتابنا والكلام فيه يتصل بنقد الشعر وعياره ووزنه بميزانه ومعياره ولذلك كتب وإن لم تكن مستوفاة وتصانيف وإن لم تكن مستقصاة .
وهذا القدر يكفي في كتابنا ولم نحب أن ننسخ لك ما سطره الأدباء في خطأ امرئ القيس في العروض والنحو والمعاني وما عابوه عليه في أشعاره وتكلموا به على ديوانه لأن ذلك أيضا خارج عن غرض كتابنا ومجانب لمقصوده .
وإنما أردنا أن نبين الجملة التي بيناها لتعرف أن طريقة الشعر شريعة مورودة ومنزلة مشهورة يأخذ منها أصحابها على مقادير أسبابهم ويتناول منها ذووها على حسب أحوالهم .
وأنت تجد للمتقدم معنى قد طمسه المتأخر بما أبر عليه فيه وتجد للمتأخر معنى قد أغفله المتقدم وتجد معنى قد توافدا عليه وتوافيا إليه فهما فيه شريكا عنان وكأنهما فيه رضيعا لبان والله يؤتي فضله من يشاء .
فأما نهج القرآن ونظمه وتأليفه ورصفه فإن العقول تتيه في جهته وتحار في بحره وتضل دون وصفه