لما قطع ثوابه عمن قطع العمل ملالا عبر عن ذلك بالملال من باب تسمية الشيء باسم سببه وقال الهروي معناه لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله فتزهدوا في الرغبة إليه وهذا كله بناء على أن حتى على بابها في انتهاء الغاية وما يترتب عليها من المفهوم وجنح بعضهم إلى تأويلها فقيل معناه لا يمل الله إذا مللتم وهو مستعمل في كلام العرب يقولون لا يفعل كذا حتى يبيض القار أو حتى يشيب الغراب ومنه قولهم في البليغ لا ينقطع حتى ينقطع خصومه لأنه لو انقطع حين ينقطعون لم يكن له عليهم مزية وهذا المثال أشبه من الذي قبله لان شيب الغراب ليس ممكنا عادة بخلاف الملال من العابد وقال المازري قيل ان حتى هنا بمعنى الواو فيكون التقدير لا يمل وتملون فنفى عنه الملال وأثبته لهم قال وقيل حتى بمعنى حين والأول أليق وأحرى على القواعد وأنه من باب المقابلة اللفظية وقال بن حبان في صحيحه هذا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد مما يخاطب به الا بها وهذا رأيه في جميع المتشابه وإن أحب الأعمال إلى الله أدومه قال بن العربي معنى المحبة من الله تعالىتعلق الإرادة بالثواب أي أكثر الأعمال ثوابا أدومها وان قل قال النووي لان بدوام القليل يستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والاقبال على الله بخلاف الكثير الشاق حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافا كثيرة وقال بن الجوزي انما أحب الدائم لمعنيين أحدهما أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمعرض بعد الوصول فهو متعرض لهذا ولهذا أورد الوعيد في حق من حفظ آية ثم نسيها وان كان قبل حفظها لا تتعين عليه والثاني أن مداوم الخير ملازم الخدمة وليس من لازم