بالإيمان به التصديق بما يقع فيه من الحساب والميزان والجنة والنار قال فأخبرني عن الإحسان هو مصدر أحسنت كذا إذا أتقنته واحسان العبادة الإخلاص فيها والخشوع وفراغ البال حال التلبس بها ومراقبة المعبود وأشار في الجواب إلى حالتين أرفعهما أن يغلب عليه مشاهدة الحق بقلبه حتى كأنه يراه بقلبه وهو قوله كأنك تراه أي هو يراك والثانية أن يستحضر أن الحق مطلع عليه يرى كل ما يعمل وهو قوله فإنه يراك وهاتان الحالتان ثمرتهما معرفة الله تعالى وخشيته وقال النووي معناه أنك انما تراعي الآداب المذكورة إذا كنت تراه يراك لكونه يراك لا لكونه تراه فهو دائما يراك فأحسن عبادته وان لم تره فتقدير الحديث فإن لم تكن تراه فاستمر على إحسان العبادة فإنه يراك وأقدم بعض غلاة الصوفية على تأويل الحديث بغير علم فقال فيه إشارة إلى مقام المحو والفناء وتقديره فإن لم تكن أي فإن لم تصر شيئا وفنيت عن نفسك حتى كأنك ليس بموجود فإنك حينئذ تراه وغفل قائل هذا للجهل بالعربية عن أنه لو كان المراد ما زعم لكان قوله تراه محذوف الألف لأنه يصير مجزوما لكونه على زعمه جواب الشرط ولم يرد في شيء من طرق هذا الحديث بحذف الألف واثباتها في الفعل المجزوم على خلاف القياس فلا يصار إليه إذ لا ضرورة هنا وأيضا لو كان ما ادعاه صحيحا لكان قوله فإنه يراك ضائعا لأنه لا ارتباط له بما قبله ومما يفسد تأويله رواية فإنك ان لا تراه فإنه يراك فسلط النفي على الرؤية