قوله قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنة الله وغضب عليه 60 الآية وقوله قد ضلوا من قبل وأضلوا عن سواء السبيل 77 .
وأما اعتلاقها بسورة النساء فقد ظهر لي في وجه بديع جدا وذلك أن سورة النساء اشتملت على عدة عقود صريحا وضمنا فالصريح عقود الأنكحة وعقد الصداق وعقد الحلف في قوله والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم 33 وعقد الأيمان في هذه الآية وبعد ذلك عقد المعاهدة والأمان في قوله إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق 90 وقوله وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية 92 .
والضمني عقد الوصية والوديعة والوكالة والعارية والإجارة وغير ذلك من الداخل في عموم قوله إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها 58 فناسب أن يعقب بسورة مفتتحة بالأمر بالوفاء بالعقود فكأنه قيل في المائدة ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 1 التي فرغ من ذكرها في السورة التي تمت فكان ذلك غاية في التلاحم والتناسب والارتباط .
ووجه آخر في تقديم سورة النساء وتأخير سورة المائدة وهو أن تلك أولها ياأيها الناس 1 وفيها الخطاب بذلك في مواضع وهو أشبه بخطاب المكي وتقديم العام وشبه المكي أنسب .
ثم إن هاتين السورتين النساء والمائدة في التقديم والاتحاد نظير البقرة وآل عمران فتلكما في تقرير الأصول من الوحدانية والكتاب والنبوة وهاتان في تقرير الفروع الحكمية