ذكرنا واردة فيما يجب فيه القصاص فكل واحد منهما مستعمل فيما ورد فيه لا يعترض بأحدهما على الآخر وأيضا قال الله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله وسمى النبي ص - شبه العمد قتيل الخطأ فلما أطلق عليه اسم الخطأ وجب أن تكون فيه الدية فإن احتجوا بحديث ابن عباس في قصة المرأتين قتلت إحداهما الأخرى بمسطح فأوجب النبي ص - عليها القصاص قيل له قد بينا اضطراب الحديث وما عارضه من رواية حمل بن مالك في إيجاب الدية دون القود ولو ثبت القود أيضا فإن ذلك إنما كان في شيء بعينه ليس بعموم في جميع من قتل بمسطح وجائز أن يكون كان فيه حديد وأصابها الحديد دون الخشب فمن أوجب النبي ص - فيه القود فإن احتجوا بما روي أن يهوديا رضخ رأس جارية بالحجارة فأمر النبي ص - بأن يرضح رأسه قيل له جائز أن يكون كان لها مروة وهي التي لها حد يعمل عمل السكين فلذلك أوجب النبي ص - قتله وأيضا روى عبدالرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس أن يهوديا قتل جارية من الأنصار على حلي لها وألقاها في نهر ورضخ رأسها بالحجارة فأتى بها النبي ص - فأمر به أن يرجم حتى يموت فرجم حتى مات ولا خلاف أن الرجم لا يجب على وجه القود وجائز أن يكون اليهودي مستأمنا فقتل الجارية ولحق بأرضه فأخذ وهو حربي لقرب منازلهم من المدينة فقتله على أنه محارب حربي ورجمه كما سمل أعين العرنيين الذين استاقوا الإبل وقتلوا الراعي وقطع أيديهم وأرجلهم وتركهم حتى ماتوا ثم نسخ القتل على وجه المثلة .
فصل وأما ما دون النفس فإنه ليس فيه شبه العمد من جهة الآلة ويجب فيه القصاص بحجر شجه أو بحديد وفيه شبه العمد من جهة التغليظ إذا تعذر فيه القصاص وإنما لم يثبت فيما دون النفس بشبه العمد لأن الله تعالى قال والجروح قصاص وقال والسن بالسن ولم يفرق بين وقوعها بحديد أو غيره والأثر إنما ورد في إثبات خطأ معمد في القتل وذلك اسم شرعي لا يجوز إثباته إلا من طريق التوقيف ولم يرد فيما دون النفس توقيف في شبه العمد وأثبتوا فيه التغليظ إذا لم يمكن فيه القصاص لأنه بمنزلة شبه العمد حين كان عمدا في الفعل وقد روي عن عمر نضر الله وجهه أنه قضى قتادة المدلجي حين حذف ابنه بالسيف فقتله بمائة من الإبل مغلظة حين كان عمدا سقط فيه القصاص